غاب التمثيل النسائي عن الأحزاب والحركات في مشهد ما بعد الثورة: منصة "السلفي" ليست بدعة!
تداول الكثيرون خلال الأسبوع الماضي صورا وتعليقات عن المؤتمر النسائي الأول لحزب النور السلفي والذي خلت منصته من أي حضور نسائي، وصورة أخرى لمجموعة من المنتقبات والمحجبات المتشحات بالسواد من جمهور المؤتمر.
تأرجحت التعليقات بين كوميديا سوداء تتساءل عن مصير نساء مصر إذا وصل الإسلاميون إلى الحكم وتسخر من غياب النساء عن منصة المؤتمر واعتراف القائمين عليه، بعدم أحقية المرأة في الترشح للرئاسة واضطرارهم لوضع النساء على قوائمهم لأنهم مجبرون على ذلك، وبين كوميديا المهزلة (فارس) تجعل من المؤتمر مشهدا مسرحيا مفتوحا للتعقيبات الساخرة من نوعية "نأخذ من كل رجل قبييييلة" أو "حزب النور مين اللي طفى النور؟"
لم يأت الاهتمام فقط من الدوائر النسوية ولكن أيضا اهتم بالحدث العديد من النشطاء السياسيين أو المهتمين بالشأن العام وهم ليسوا بالضرورة أصحاب أجندة مدافعة عن حقوق النساء (أو نسويين) وإن كانوا يطرحون أنفسهم كتقدميين، بل ودأب معظمهم على السخرية من صديقاتهن وأصدقائهم النسويين.
ومن المعروف في أوساط الصحافة وحقوق الإنسان والتنمية ومقاهي وسط البلد أن الصورة النمطية للمعنيات بقضايا "النوع الاجتماعي" والمدافعات عن حقوق النساء هي: "الستات المجانين اللي ناكشين شعورهم وبيربوا ضوافرهم ...إلخ" وكل هذا الإرث الضخم من السخرية والتسفيه لفكرة النسوية حتى من المثقفين، وتصور هذه الفئة عن قيمها وانتصارها للنساء جدير بالدراسة، فهم أدرى الناس بأولويات العمل السياسي ومتى يكون الدفع بحقوق النساء مهما ومتى لا يكون.
وكثيرون منهم لديهم قيم نسوية تقدمية تنطبق على نساء العالمين إلا زوجته وأمه وأهل بيته، وتقديري أن الانتشار الرائج لصور السلفيين ونساؤهم يأتي في نفس المنظومة التي تتناول قضايا المرأة والنوع الاجتماعي باستخفاف وسخرية على نفس المادة ولكن من زاوية مختلفة.
المزعج في الأمر أن من علقوا تعليقات جادة عن الأمر- تبدى انزعاجهم من اختزال المرأة في ملبسها أو دورها الإنجابي بوصفها مفرخة رجال صالحين أو غيرها من الدعوات التي يتبناها الحزب السلفي وتصوره عن دور النساء في الفضاء الخاص فقط.
بينما لم يتناقل أيهم أي خبر عن فعاليات تقيمها المنظمات والتحالفات النسوية عن دمج النساء وتمثيلهن بعد الثورة، لم أر أيا منهم يشير إلى مبادرات النساء لوضع دستور يراعي أبعاد النوع الاجتماعي أو يمتدح أو حتى ينتقد سعي تحالف المنظمات النسوية لمقابلة مرشحي الرئاسة أو يحتفي بتأسيس الاتحاد النسائي.
نضال النساء ليس جزءا من النضال السياسي
في الأشهر الأولى بعد تنحية مبارك – ولما كانت الروح الثورية بعد لم تهدأ- كانت هناك دعوة للخروج في مسيرة تزامنا مع اليوم العالمي للنساء 8 مارس للمطالبة بحقوق النساء وأملا في جذب انتباه الرأي العام لأهمية دور النساء في المرحلة الانتقالية والتأكيد على الشراكة القائمة من أول أيام الثورة، لكن دعاوى المسيرة قوبلت بهجوم على الفكرة في حد ذاتها لأننا نريد تغيير النواميس الطبيعية التي تقضي بأن المرأة مكانها الطبيعي هو المنزل، وكيف نطالب بحق المرأة في الترشح للرئاسة وظلت الصفحة الداعية للمسيرة على الفيس بوك ساحة مشتعلة للنقاش حول أكثر حقوق النساء بداهة مثل الحق في العمل وغيره، بينما كان موقف الناشطين باختلاف خلفياتهم السياسية سواء ليبراليين أو اشتراكيين أو غيرهم أن هذه مطالب "نوعية" ونوعية أخت فئوية إلا أن فئوية لها بعض المدافعين الذي يقرون بمشروعيتها بينما نوعية حبيسة جنسها لا تخرج من تأنيثها إلى آفاق أرحب..
..انتهت المسيرة بتحرش مجموعات من الشباب والرجال بالنساء والرجال المشاركين في المسيرة تحرشا لفظيا وجسديا، لم يثر ذلك فزع الكثيرين للأسف!!.
لماذا لم تثر فزعكم منصات ائتلاف شباب الثورة الخالية من النساء؟ كذلك لم تفعل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة والخالية من النساء؟ لم لم يتعجب أحد من غياب النساء من حركة المحافظين؟!!.
بل تعالوا لننظر إلى قوائم الانتخابات البرلمانية الخاصة بالقوى الوطنية الراغبة، والتي تقاتل فيها النساء لتحظى بترتيب لائق على القائمة، هذه القوى المفزوعة من السلفية ترغب في وضع أسماء محفوظ السابعة على قائمتها في مصر الجديدة إلى أن قررت الترشح بشكل فردي، وفي وضع سناء السعيد - الأبرز والأجدر- بالفوز الثانية على القائمة في أسيوط.
يا سادة يا رجال يا محترمين منصات حزب النور السلفي لا تختلف عن منصات العسكري ولا عن منصاتكم وحملاتكم الانتخابية، لم يفزعكم حقا غياب النساء بل أفزعتكم اللحى والثياب السوداء.