المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تصدر نتائج تحقيقها في أحداث دهشور: الأمن تجاهل التحذيرات المتكررة من وقوع الاعتداءات الطائفية ثم فشل في التعامل معها... على رئيس الجمهورية معالجة الملف الطائفي بعيدا عن الحلول الوقتية والتعامل الأمني
بيان صحفي
أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم نتائج تحقيقاتها في الاعتداءات الطائفية التي تعرضت لها منازل وممتلكات مسيحيي قرية دهشور الكائنة بمركز البدرشين، والتي وقعت مساء الثلاثاء 31 يوليو 2012 واستمرت حتى صباح اليوم التالي وأسفرت عن مغادرة ما يقرب من مائة أسرة مسيحية للقرية خوفا على أرواحهم.
وأدانت المبادرة المصرية فشل الأجهزة الأمنية في منع الاعتداءات قبل وقوعها رغم التحذيرات المتكررة من ارتفاع حدة التوتر الطائفي والتهديدات التي تعرض لها مسيحيو القرية على مدى الأيام السابقة للاعتداءات، خاصة عقب الإعلان عن وفاة أحد مسلمي القرية متأثرا بإصابته في مشاجرة بين مسلمين ومسيحيين كانت قد وقعت في الأسبوع السابق للاعتداءات الطائفية. وكانت المبادرة المصرية قد حذرت عقب إعلان الوفاة وقبل عدة ساعات من وقوه الاعتداءات من تفاقم أجواء التوتر وحملت جهاز الشرطة مسئولية حماية الأرواح والممتلكات وكنيسة مار جرجس الموجودة بالقرية.
وقال إسحق إبراهيم، مسئول ملف العنف الطائفي في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "إن ما يبعث على الأسى في اعتداءات دهشور ليس فقط تعرض جميع أقباط القرية للترويع والعقاب الجماعي على جريمة لم يرتكبوها، وإنما فشل الأجهزة الأمنية في حمايتهم من اعتداءات كان يمكن التنبؤ بها ومنعها بسهولة لو قامت تلك الأجهزة بواجبها الأساسي."
وانتقدت المبادرة المصرية تعامل جهاز الشرطة مع الأحداث بداية من قيامه بتقديم النصيحة لعدد من الأقباط بمغادرة القرية قبل تشييع جنازة القتيل المسلم، ونهر المواطنين الذين قرروا البقاء في القرية، وانتهاء بضعف التواجد الأمني داخل شوارع القرية واقتصاره فقط على حماية الكنيسة. كما انتقدت المبادرة المصرية استمرار قوات الأمن في منع وسائل الإعلام ونشطاء المجتمع المدني من تفقد المنازل والمتاجر المتضررة جراء الاعتداءات.
وطالبت المبادرة المصرية النيابة العامة بسرعة الانتهاء من التحقيقات الجارية حول الدوافع والأسباب الحقيقية للاعتداءات وتحديد المحرضين والقائمين بالاعتداءات وإحالتهم إلى المحاكمة، على أن تشمل التحقيقات أيضا مدى تقصير الأجهزة الأمنية في منع الاعتداءات على ضوء المعلومات والتقارير التي توافرت لديها وكذلك مدى التقصير في حماية منازل وممتلكات الأقباط أثناء تشييع الجنازة وفي أعقابها.
وأكدت المبادرة المصرية على أنها ستتابع عن قرب تنفيذ التكليفات التي أصدرها الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية لمحافظ الجيزة في أعقاب الاعتداءات، والتي تقضي بتشكيل لجنة لحصر كافة التلفيات الناجمة عن الأحداث وتقدير التعويضات المناسبة وصرفها في أسرع وقت، وإعمال القانون ليكون الفيصل لإعطاء كل ذي حق حقه ومعاقبة المعتدين على الأرواح والممتلكات الخاصة، وأن تدعم محافظة الجيزة جهود المصالحة والتهدئة بين طرفي الأحداث، وتهيئة المناخ الأمني لتشجيع الأهالي الذين غادروا القرية على العودة إلى منازلهم.
وانتقدت المبادرة المصرية خلو اللجنة التي شكلها المحافظ لتقدير حجم الخسائر والأضرار من ممثلين لأهالي القرية المضارين أو من خبراء مستقلين، إذ اقتصرت عضوية اللجنة على مسئولين وموظفين بالمحافظة، مؤكدة على ضرورة تقديم إعانات عاجلة للأسر المسيحية لحين تأمين عودتهم وسلامة بقائهم في القرية.
وحملت المبادرة المصرية الرئيس محمد مرسي المسؤولية الكاملة عن إنفاذ القانون في البلاد ومعالجة الاحتقان الطائفي وإزالة أسباب التوتر الديني المستشري في المجتمع. وأضافت أنه بالرغم من تباطؤ الرئيس في تعامله مع أزمة دهشور وجبر الضرر للمضارين الذين أجبروا على مغادرة منازلهم بالقرية، إلا أن رئيس الجمهورية يملك فرصة تغيير الصورة الذهنية السلبية عن طريقة تعامل الدولة مع الاعتداءات الطائفية على الأقباط، وكذلك تبديد جزء من المخاوف المتنامية لدى المواطنين المصريين المسيحيين من مستقبلهم في ظل تصاعد دور تيار الإسلام السياسي وانتماء الدكتور مرسي لحزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين.
وأضاف إسحق إبراهيم: "إن في ظهور نوازع رافضة لوجود الآخر ما ينذر بتقسيم المجتمع على أساس ديني، خاصة بعد تكرار خروج الأقباط من المناطق التي يعيشون فيها عقب وقوع توترات طائفية بينهم وبين جيرانهم المسلمين، وذلك خوفا على حياتهم أو تحت ضغط وتهديد وتهجير قسري من جانب الأغلبية مع معاونة أو تواطؤ من قبل أجهزة الدولة."
وقد استمع باحثو المبادرة المصرية لعدد من ضحايا الاعتداءات ومسيحيي القرية الذين تركوها هربا من الاعتداءات التي كانت تجرى على المنازل والممتلكات، كما حصلت على إفادات من شهود عيان مسلمين شاركوا في تشييع جنازة الضحية معاذ محمد أحمد.
بوادر توتر واحتقان
وصف أهالي قرية دهشور الذين حصل باحثو المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على إفاداتهم حول الأحداث العلاقات بين مسيحيي ومسلمي القرية بالمتشابكة والقوية نتيجة وجود صلات تجارية واقتصادية قوية. وأضافوا أن القرية ـ التي يقدر عدد سكانها بخمس عشرة ألف نسمة من بينهم قرابة مائة أسرة مسيحية ـ هادئة في العموم ولم يكن هناك ما يثير التوتر والاحتقان بين أهالي القرية، فيما عدا واقعة سابقة وردت في رواية عدد من شهود العيان من الطرفين.
أفاد شهود العيان أن سامح نسيم المكوجي (مسيحي)، وطرف المشاجرة الأساسي والمحبوس على ذمة التحقيقات في الأحداث الأخيرة، كان طرفاً في شجار نشب بالقرية منذ عدة سنوات بينه وبين جار له يدعى عبد الناصر حسن العطير (مسلم)، وأن نسيم قام بالتعدي على جاره وتقريب مكواة البخار من وجهه مما سبب له بعض الإصابات، ثم عقدت جلسة صلح بين الطرفين وانتهى الموضوع عند هذا الحد.
وقال شهود عيان مسيحيون إن هذه الواقعة أثرت في الأحداث الأخيرة، بينما اشتكى عدد من شهود العيان المسلمين من القس تكلا عبد السيد، وهو من سكان القرية، واسمه قبل الرسامة قسا كان عاطف عبد السيد. واستدل الشهود بالواقعة السابقة، وقالوا إنه لجأ إلى جهاز أمن الدولة للتدخل مما خلق نوعاً من التوتر تحت السطح باعتبار أن المسيحيين يستقوون بجهاز أمن الدولة. وقال سيد عياد عضو بحزب الحرية والعدالة وأحد سكان القرية للمبادرة المصرية:
"أي مشكلة، الحل السريع يتصل عاطف (القس تكلا) بأمن الدولة، ويعمل مشكلة، وده خلى الطرف الآخر المسيحي يزيد في طغيانه."
وكما حدث في عدد من قرى مصر فقد جرت مناوشات كلامية خلال جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية التي جرت بين د. محمد مرسي وأحمد شفيق، حيث قام عدد من مسلمي القرية بعتاب مسيحيين على تأييد شفيق، وهددوهم أن الرئيس الجديد محمد مرسي من تيار إسلامي سيرسخ من تطبيق الشريعة.
في يوم الخميس 26 يوليو وقبل أذان المغرب تشاجر سامح نسيم وأحمد رمضان وأنصار كل منهما على خلفية قيام الأول (نسيم) بحرق قميص يملكه الثاني. وعندما حاول أحمد رمضان ومعه نحو عشرين من أنصاره اقتحام منزل سامح نسيم للاعتداء عليه، قام نسيم بإغلاق أبواب منزله وصعد إلى أعلى المنزل وقذف الموجودين أسفل المنزل بزجاجات مولوتوف. ووفقا للشهود فقد أصيب في الاشتباكات معاذ محمد أحمد (25 سنة) الذي لم يكن طرفاً في الأحداث والذي تعرض لحروق شديدة. وقد تجمع نحو ألفي مسلم من أهالي القرية في نفس اليوم وقاموا بمهاجمة منزل سامح نسيم والاعتداء على من بداخله ونهب جميع محتوياته قبل إضرام النار فيه، بينما تدخل مسلمون لتأمين خروج السيدات الموجودات بالمنزل.
وقد حاول مئات من المتجمهرين في نفس اليوم الذهاب إلى كنيسة مار جرجس ـ والتي تبعد نحو مائتي متر عن الأحداث ـ للاعتداء عليها، إلا أن مجموعة من المسلمين تصدت لهم ومنعتهم من الوصول إلى الكنيسة وطلبت منهم العودة إلى المنزل المحترق، حتى جاءت قوة أمنية كبيرة وقامت بفض التجمهر سلميا.
وإلى جانب معاذ محمد أحمد، فقد أصيب في الاعتداءات يوسف عادل ابن عم سامح نسيم بآلة حادة (سنجة) في أنحاء متفرقة من جسمه، ويتلقى العلاج حاليا بمستشفى قصر العيني، وأصيب شخصان مسيحيان أيضا إصابات بسيطة. وقد ألقت قوات الأمن القبض على سامح نسيم ووالده وشقيقه وائل، وصدر قرار يوم الثلاثاء 31 يوليو من قاضي المعارضات بتجديد حبسهم لمدة خمسة عشر يوم على ذمة التحقيقات. ووجهت نيابة البدرشين للمحبوسين تهمتي القتل العمد وحيازة المفرقعات، بينما صدر أمر ضبط وإحضار من النيابة العامة بحق خمسة مواطنين مسلمين.
خلال الأيام التالية ما بين إصابة معاذ محمد ووفاته على إثر الإصابة يوم 31 يوليو بمستشفى الحلمية العسكري، تزايدت أجواء التوتر والشحن الطائفي والخوف مما قد يحدث. ووفقا لشهادات متوافقة من الجانبين، فإنه في اليوم التالي لواقعة المشاجرة رشق بعض شباب القرية عددا من منازل المسيحيين بزجاجات مولوتوف، ومنها منزلان لعريان نسيم وظريف نعيم. وقد قام أهالي القرية المسلمين بإطفاء الزجاجات قبل اشتعال النيران في المنزلين. كما قام بعض الشباب المسلم بإشعال النيران في إطارات دراجات أمام منازل بعض مسيحيي القرية. وفي يوم الاثنين سرت شائعة بوفاة الضحية معاذ، قام على إثرها عدد من مسيحيي القرية بمغادرتها خاصة في ظل ما تردد بأن والد الضحية قد هدد بأنه سيأخذ بالثأر من مسيحيي القرية، وعندما اتضح أن الأمر مجرد شائعة عاد الذين غادروها في حين قرر البعض ترك النساء والأطفال لدى أقربائهم في القرى المجاورة.
تشييع الجنازة والهجوم على المنازل والممتلكات
في 31 يوليو 2012، وعقب إعلان وفاة معاذ محمد أحمد، نصح عدد من ضباط الشرطة مسيحيي القرية بمغادرتها قبل الصلاة على الجثمان بمسجد القرية، كما حذر أهالٍ مسلمون جيرانهم المسيحيين من مغبة وقوع اعتداءات عقب دفن الجثمان ونصحوهم بالمغادرة. وخرج معظم مسيحيي القرية منها قبل وصول الجثمان بينما قررت أعداد قليلة البقاء بعد تلقيهم وعودا من جيرانهم المسلمين بحمايتهم، لكنهم اضطروا للخروج من القرية أيضا مع بدء الاعتداءات عندما قامت قوات الأمن بمطاردتهم وإجبارهم على الخروج. ولم يبق في القرية مع صباح اليوم التالي إلا سيدة تبلغ من العمر سبعين عاما تدعى سميحة وهبة حيث قام جيرانها المسلمون باستضافتها تعهدوا بحمايتها.
وقال رضا نعيم، أحد مواطني القرية الذين تعرضت ممتلكاتهم للاعتداء:
"الأمن كان موجود ومشي، ولم يفعل أي حاجة، وأخويا الضابط شتمه وقاله إيه اللي مقعدك يا ابن ... وقاله روح شوف مواصلة تمشي بيها."
وأفاد غالي برسوم للمبادرة المصرية:
"جم جيراننا وصحوا والدي من النوم، وقالوا له امشي من البلد فيه ناس بتهاجم بيوت الأقباط وبيسرقوها، فخرجنا الساعة 12 بالليل ورحنا دير الكرمة في أطفيح."
وقال نبيل عريان:
"لما لقيتهم وصلوا البيت وبيكسروا البوابة، قفزت أنا ومراتي فوق بيت جاري محمد حمزة اللي ساعدونا نخرج من القرية بأعجوبة ومتخفيين علشان يقدروا يخرجونا برا القرية بسلام."
أما هاني سيدهم وصابر فؤاد وملاك عريان فقد ذكروا أنهم تصلوا بصديق مسلم لهم من قرية زاوية دهشور المجاورة والذي حضر وقام بإخراجهم من القرية أثناء الاعتداءات.
ووفقا للمعلومات التي حصلت عليها المبادرة المصرية، فإنه عقب تشييع جنازة الضحية معاذ محمد في الحادية عشر مساء، وأثناء عودة الأهالي من مقابر القرية والتي تقع على بعد كيلو متر بالمنطقة الصحراوية المجاورة لقرية الجابري، دعا مواطنون مسلمون باقي المشيعين للجنازة إلى التوجه إلى كنيسة مار جرجس لإحراقها وتحويلها لمسجد الشهيد معاذ للصلاة بداخلها.
وقام عدة آلاف من المشيعين للجنازة أثناء عودتهم بتحطيم أبواب عدد من المنازل والمحال التجارية وسرقتها وإتلاف محتوياتها بالكامل، وبدءوا بمحلين للذهب يملكهما كل من هاني فرج عياد وصبري سعد برسوم تم نهبهما بالكامل، ثم منزل منصور عريان، ودخلوا بعدها إلى شارع الفرن حيث التواجد المسيحي المكثف فتم تكسير وتخريب ونهب منازل كل من عريان نسيم عريان وحبيب ميخائيل ومجدي حسيب وظريف نعيم ومعوض دانيال وسعد فهيم. وأفاد روماني غالي أحد شهود العيان بوجود أفراد من الشرطة على مدخل الشارع وبداخله، وأنهم عندما رأوا الأعداد التي تهاجم المنازل انسحبوا وتركوا المنطقة:
"فيه 3 عربيات كانوا واقفين أمام المحلات. انسحبوا ليه لما الناس بدأت ترجع من الجبل بعد الدفن؟ أنا متأكد لو ضابط شرطة ضرب في الهواء عيارين كان الموضوع خلص والناس خافت وبعدت عن المحلات والبيوت."
ثم توجهت المجموعات المهاجمة إلى المحال التجارية الموجود على مدخل القرية من ناحية طريق المريوطية، وقامت بنهب محتويات ورشة كهرباء وأربعة محال تجارية لمستلزمات السيارات يملكها ظريف نعيم، ثم استوديو تصوير عزيز سعد، ومحل روماني ميخائيل للموبايلات. كما تم نهب وتحطيم مخزن مياه غازية ملك منصور وعماد عريان قبل إشعال النيران فيه، وتمت سرقة وإحراق عدد من السيارات التي تستخدم في نقل السلع. وحاولت أعداد من المهاجمين الاعتداء على منزل عماد عبد السيد بعزبة فارس على بعد كيلو متر من القرية لكن مسلمين قاموا بالدفاع عن المنزل، فقام المهاجمون بنهب محتويات منزل آخر يملكه سامح برسوم.
وقد قام عدة آلاف من مسلمي القرية والقرى المجاورة لها بتحطيم الباب الرئيسي لكنيسة مار جرجس الواقعة بالقرية ورشق نوافذها بالحجارة والاعتداء على حجرة داخل سور الكنيسة، إلا أن قوة الأمن تمكنت بمعاونة أعداد من مسلمي القرية وباستخدام القنابل المسيلة للدموع من إبعاد المجموعات المهاجمة عن الكنيسة.
وفي أعقاب الاعتداءات قام عدد من الضحايا بتحرير 27 محضراً بمديرية أمن الجيزة مساء الجمعة 3 أغسطس بشأن الاعتداءات التي تعرضت لها ممتلكاتهم. وتضمنت المحاضر أسماء من القرية والقرى المجاورة ـ لدى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قائمة بها ـ قال الضحايا إنهم هم من قاموا بالاعتداءات ونهب منازل وممتلكات مسيحيي دهشور.
وتحصلت المبادرة المصرية على شهادات من القيادات الدينية المحلية، حيث أفادوا بعدم تحرك الجهات المسئولة لحماية ممتلكات مسيحيي القرية أثناء الأحداث أو للسؤال عن المواطنين الفارين من القرية ومعرفة احتياجاتهم الضرورية وتلبيتها للتمكن من التعامل مع هذه الظروف غير الطبيعية، حيث شرع مسيحيو القرية يخرجون بسرعة يبحثون عن أماكن إقامة مؤقتة تستضيفهم. وقد أصدرت الكنيسة الأرثوذكسية بياناً في 2 أغسطس موقعا من الأنبا باخوميوس قائمقام بابا الكنيسة الأرثوذكسية طالبت فيه السلطات الرسمية باتخاذ الموقف الحاسم إزاء الاعتداءات الصارخة التي تكررت في الآونة الأخيرة. وأضاف البيان "لاحظنا عدم التعامل معها بالحزم اللازم لذلك نأمل من السلطات الرسمية سرعة معاقبة الجناة وتأمين المواطنين الأقباط ورجوعهم إلى منازلهم وصرف تعويضات العادلة لكل المتضررين من هذه الأحداث."
وقال بيان صادر عن مطرانية الجيزة صباح اليوم التالي للأحداث:
"عقب دفن معاذ محمد أحمد حسب الله، وفي عودة موكب الجنازة قام مسلمون بحرق بعض بيوت المسيحيين القريبة من المدافن وتوجهوا إلى الكنيسة وحطموا شبابيكها والأبواب والمنازل المجاورة، وقوات الأمن تصدت لهم بالقوة، إلا أنهم نهبوا وحرقوا كل المحلات التي صادفوها ومنها محل جواهرجي، وقاموا بنهب مخزن للمشروبات الغازية ملك مسيحي وأتلفوا محتوياته بخسارة تقدر بملايين."
وأضاف البيان أن "المتجمهرين أثاروا الرعب في أهل القرية مما اضطر الناس إلى ترك منازلهم، ومازالت الأحداث حتى صباح الأربعاء 1 أغسطس من حرق ونهب وسلب ودمار".
وطالبت مطرانية الجيزة القيادات الأمنية والعسكرية بمنطقة دهشور بتطبيق القانون بقوة على الجميع، ووقف أعمال البلطجة والسطو على ممتلكات الآخرين، وضبط الخارجين عن القانون وتقديمهم للعدالة وإعطاء كل ذي حق حقه، وإعادة الأمن والأمان، وتعويض الخسائر الفادحة حتى يعود المسيحيون إلى منازلهم.
كما قرر مجلس بيت العائلة ـ وهو كيان رسمي يجمع قيادات المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية ـ في اجتماعه يوم الخميس 2 أغسطس تشكيل وفد برئاسة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والأنبا باخوميوس قائم مقام البابا لمقابلة الرئيس محمد مرسي في أقرب وقت ممكن باعتباره "ولي الأمر الذي نرجع إليه جميعا" حسب نص البيان الصادر عن المجلس. وقرر كذلك دعوة وزير الداخلية للقاء باللجنة في مقرها بالأزهر الشريف لتدارس الإجراءات التي يراها بيت العائلة مهمة ويجب اتخاذها لمنع تكرر الأحداث المؤسفة التي وقعت في مدينة دهشور وتركت ضحايا وخسائر ومناقشة أسبابها.
وطالب مجلس بيت العائلة بضرورة تطبيق القانون ومحاكمة المسئولين عن هذه الأحداث والعقوبة الرادعة والفورية لهذا النوع من الجرائم التي تستهدف أمن الوطن وسلامته في هذه المرحلة الدقيقة وتوجيه الدعوة للوزراء الذين يقع هذا النوع من الأحداث في اختصاصاتهم مثل وزراء الداخلية والإعلام والثقافة والتعليم والأوقاف لحضور جلسات بيت العائلة مع المتابعة الدورية ورصد للأحداث ولأماكن الاحتقان قبل وقوع هذه الأحداث لاتخاذ الإجراءات الوقائية.
من ناحية أخرى قام مجلس الشورى بتشكيل لجنة لحل النزاع الدائر بين مواطني دهشور من المسلمين والأقباط برئاسة محمد الفقي رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية بالمجلس. وقد زارت اللجنة قرية دهشور وكان في استقبالها الدكتور علي عبد الرحمن محافظ الجيزة واللواء أحمد الناغي مساعد وزير الداخلية، ومدير أمن الجيزة ووكيل الأزهر الشيخ عبد التواب قطب، وعدد من القيادات التنفيذية والشعبية بالمحافظة.
وتم عقد مؤتمر يوم الجمعة 3 أغسطس لأهالي القرية لبحث تداعيات الموقف وإيجاد حلول له واحتواء أزمة الفتنة الطائفية في القرية. وقال الفقي وفقا لوكالة أنباء الشرق الأوسط إن "القانون لابد أن يأخذ مجراه إلى آخر مدى في هذه الأزمة على أساس قاعدة المواطنة."
كما قام بزيارة القرية كل من السيد محمد فؤاد جاد الله، مستشار رئيس الجمهورية للشئون القانونية والدستورية، والدكتور عبد التواب عطية، موفد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب.
هذا وقد أفادت وكالة أنباء الشرق الأوسط بصدور تكليفات من الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية لمحافظ الجيزة، تقضي بتشكيل لجنة لحصر كافة التلفيات الناجمة عن الأحداث وضمها لملف التحقيقات الجارية في الأحداث على أن يكون من مهام اللجنة أيضاً تقدير التعويضات المناسبة وصرفها في أسرع وقت، وإعمال القانون ليكون الفيصل لإعطاء كل ذي حق حقه ومعاقبة المتعدين على الأرواح والممتلكات الخاصة، وأن تدعم محافظة الجيزة جهود المصالحة والتهدئة بين طرفي الأحداث، وتهيئة المناخ الأمني لتشجيع الأهالي الذين غادروا القرية على العودة إلى منازلهم.
وصرح الدكتور ياسر على، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية في 4 أغسطس بأن الرئيس محمد مرسى، تلقى تقارير رسمية تؤكد عدم تعرض المواطنين الأقباط في دهشور لأعمال تهجير قسرية، موضحا أن من تركوا منازلهم إنما تركوها من تلقاء أنفسهم، لاعتبارات أمنية، ولخوفهم من أحداث العنف. وقال إن الرئيس أجرى اتصالات هاتفية بشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب والقائمقام البابا الأنبا باخوميوس، وطالبهما بتفعيل مبادرة بيت العائلة لنزع فتيل الفتنة في دهشور.
وقد قام الدكتور على عبد الرحمن محافظ الجيزة بتشكيل لجنة حصر التلفيات والخسائر بمنطقة دهشور برئاسة اللواء أسامة شمعة، نائب المحافظ للمراكز والمدن، وعضوية كل من رئيس مركز ومدينة البدرشين ومأمور المركز ومدير مديرية الإسكان، وأعضاء قانونيين وهندسيين.
وقد ألقت قوات الأمن القبض في 5 أغسطس على عشرة متهمين في الاعتداءات على منازل وممتلكات الأقباط وأمرت نيابة البدرشين بحبسهم أربعة أيام على ذمة التحقيقات، بعدما وجهت لهم تهم البلطجة والسرقة وإتلاف ممتلكات خاصة.