بعد وفاة شاب بالقرية متأثراً بإصابته: على الشرطة التدخل فوراً لحماية الأرواح والممتلكات تحسباً لتجدد الاشتباكات الطائفية في دهشور

بيان صحفي

31 يوليو 2012

طالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم جهاز الشرطة باتخاذ كافة الإجراءات الفورية اللازمة لحماية أرواح وممتلكات المواطنين بقرية دهشور في ظل تصاعد المخاوف من تجدد الاعتداءات بين مسلمين ومسيحيين في القرية التابعة لمركز البدرشين جنوب محافظة الجيزة.

وقد عادت حالة التوتر إلى القرية التي شهدت اشتباكات طائفية مساء يوم 26 يوليو الجاري بعد أن أعلنت اليوم وفاة الشاب معاذ محمد أحمد (25 عاما) متأثرا بالحروق التي أصيب بها أثناء مروره بالصدفة قرب موقع الاشتباكات الأسبوع الماضي. وأعربت المبادرة المصرية عن إدانتها الكاملة لأعمال العنف وما أسفر عنها من إزهاق لروح أحد أبناء القرية، وطالبت النيابة العامة بسرعة الانتهاء من التحقيقات الجارية في الأحداث وتقديم الجناة إلى المحاكمة.  

كما حملت المبادرة المصرية الشرطة مسئولية تأمين جنازة معاذ محمد وحماية المواطنين الأقباط وممتلكاتهم وكنيسة مار جرجس الموجودة بالقرية أثناء وعقب تشييع الجنازة، والمقرر لها مساء اليوم، لاسيما في ظل ما تردد بالقرية عقب بدء الأحداث عن الانتقام من مسيحيي القرية، وهو ما أدى لترك أغلبية الأهالي لمنازلهم  خوفا على حياتهم.

وقال إسحق إبراهيم مسئول ملف حرية الدين والمعتقد بالمبادرة المصرية: "إن جهاز الشرطة منوط به تحقيق الأمن الوقائي ومنع الجرائم والاعتداءات قبل وقوعها. نحذر من وقوف الشرطة موقف المتفرج وعدم تدخلها أثناء الاعتداءات والاشتباكات خاصة في أحداث العقاب الجماعي التي تقع عقب وجود مشاكل فردية بين مسلمين ومسيحيين."

وكانت المبادرة المصرية قد رصدت في السابق تواجد الشرطة أثناء حدوث اعتداءات مماثلة دون أن يكون لها دور في منع تفاقم الأحداث، وذلك لفشلها في توقع الأحداث أو لرغبتها في فرض تهدئة مؤقتة لقناعة زائفة بأن وقوع اعتداءات من مسلمين ضد أقباط سيساعد في تفريغ شحنات الغضب عند المسلمين، متجاهلة أن هذه الحلول غير قانونية وغير شرعية وتنتج عنها مشكلات جمة في المستقبل.

وقد سبق للمبادرة المصرية أن حذرت عقب أحداث مماثلة من وقوع حوادث انتقام جماعي استهدفت مواطنين ليست لهم علاقة بأطراف المشكلة، و شددت أنه لا يمكن التنبؤ بنتائج أو حجم الخسائر المترتبة على مثل هذه الاعتداءات أو عدد المتورطين فيها، خاصة أنها قابلة للاشتعال بطريقة سريعة وعنيفة، وقد تنتقل لقرى بكاملها في ظل أجواء التوتر والشحن المستشري في المجتمع.

وأضاف إسحق إبراهيم: "على الشرطة الالتزام بقواعد حفظ الأمن في المظاهرات والاضطرابات العامة، فدور المؤسسات الأمنية هو حماية حقوق المواطنين في الحياة والحرية والأمن، وضمان السلامة العامة." 

ووفقا للإفادات التي حصلت عليها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية فإن قرية دهشور كانت قد شهدت اشتباكات بين مسلمين ومسيحيين أدت لنهب وحرق منزل واحد على الأقل، وإصابة بعض المواطنين من الجانبين. وقد بدأت الاشتباكات بمشادة كلامية تطورت لمشاجرة بالأيدي وقعت مساء الأربعاء 25 يوليو بين كل من سامح نسيم وأحمد رمضان على خلفية قيام الأول (مكوجي) بحرق قميص يملكه الثاني.

وفي اليوم التالي — الخميس — وقبل أذان المغرب ذهب أحمد رمضان ومعه نحو عشرين من أنصاره لمنزل سامح نسيم للاعتداء عليه، فقام نسيم بإغلاق أبواب منزله وصعد إلى أعلى المنزل وقذف الموجودين أسفل المنزل بزجاجات مولوتوف. ووفقا للشهود فقد أصيب في الاشتباكات معاذ محمد أحمد (25 سنة) الذي لم يكن طرفاً في الأحداث والذي تعرض لحروق شديدة توفي على إثرها يوم 31 يوليو بمستشفى الحلمية العسكري. وقد تجمع نحو ألفي مسلم من أهالي القرية يوم الخميس، وقاموا بمهاجمة منزل سامح نسيم والاعتداء على من بداخله ونهب جميع محتوياته قبل إضرام النار فيه، بينما تدخل مسلمون لتأمين خروج السيدات الموجودات بالمنزل.

وقد حاول مئات من المتجمهرين في نفس اليوم الذهاب إلى كنيسة مار جرجس ـ والتي تبعد نحو مائتي متر عن الأحداث ـ للاعتداء عليها، إلا أن مجموعة من المسلمين تصدت لهم ومنعتهم من الوصول إلى الكنيسة وطلبت منهم العودة إلى المنزل المحترق، حتى جاءت قوة أمنية كبيرة وقامت بفض التجمهر سلميا.

ووفقا لإفادات من مصادر مختلفة بالقرية فقد قام القس تكلا عبد السيد بالاتصال بمديرية الأمن وقياداته الدينية، حيث جاء ضابط شرطة وبصحبته عدد من العساكر بعد نحو نصف الساعة من اندلاع الاشتباكات. ولم تتدخل قوة الشرطة لمنع عمليات النهب أو لتمكين سيارات الدفاع المدني من الدخول لإخماد النيران المشتعلة بالمنزل، ومع تصاعد المخاوف من انتقال الاعتداءات إلى كنيسة القرية حضرت حشود أمنية وأغلقت الشوارع المحيطة بها.

وإلى جانب معاذ محمد أحمد، فقد أصيب في الاعتداءات يوسف عادل ابن عم سامح نسيم بآلة حادة (سنجة) في أنحاء متفرقة من جسمه، ويتلقى العلاج حاليا بمستشفى قصر العيني. وقد ألقت قوات الأمن القبض على سامح نسيم ووالده وشقيقه وائل، وصدر قرار اليوم الثلاثاء من قاضي المعارضات بتجديد حبسهم لمدة خمسة عشر يوم على ذمة التحقيقات. ووجهت نيابة البدرشين للمحبوسين تهمتي القتل العمد وحيازة مفرقعات، بينما صدر أمر ضبط وإحضار من النيابة العامة بحق خمسة مواطنين مسلمين ولم يلق القبض عليهم حتى الآن.