الفصل السادس: الزيارة والمراسلة

الاتصال بالعالم الخارجي من أهم العوامل المساعدة للسجناء فى التأهيل وفرص الإدماج. جاء تنظيم حق الزيارة والمراسلة بقانون تنظيم السجون بخمس مواد وهي المواد من المادة رقم 38 وحتى المادة رقم 42 منه. وجاء بهذه المواد تقرير الحق لكل محكوم عليه أو محبوس احتياطي الحق في التراسل ولذويه أن يزوروه، كما تقرر الحق لمحامي المسجون في مقابلته على انفراد بشرط الحصول على إذن كتابي من النيابة العامة. وأجاز القانون لضباط السجن تفتيش أي شخص من الزائرين، كما أجاز للإدارة منع الزيارات منعًا مطلقًا أو مقيدًا بالنسبة إلى ظروف معينة في أوقات معينة وذلك لأسباب صحية أو متعلقة بالأمن.

وقد جاء تفصيل تنظيم هذا الحق باللائحة الداخلية للسجون بعدد واحد وعشرين مادة تبدأ من المادة 60 وتنتهي بالمادة 80، كما أفردت اللائحة الداخلية للسجون المركزية الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 1954 لسنة 1971 بعدد عشر مواد منها لهذا الأمر تبدأ بالمادة 34 وتنتهي بالمادة 43.

وقد تقرر باللائحة الداخلية للسجون أن يُصرح لذوي المحكوم عليه بزيارته بعد انقضاء شهرٍ من تاريخ تنفيذ العقوبة وذلك مرة كل شهر ميلادي من تاريخ أول زيارة، أما المحكوم عليهم بالحبس البسيط- لمدة لا تجاوز الثلاثة أشهر- والمحبوسون احتياطيًّا فلذويهم أن يزوروهم مرة واحدة كل(أسبوع) في أي يوم من أيام الأسبوع عدا الجمع والعطلات الرسمية - فيما عدا أول وثاني أيام عيد الفطر المبارك وعيد الأضحى ما لم تمنع النيابة العامة أو قاضى التحقيق ذلك، ويكون ميعاد الزيارات من الساعة التاسعة صباحًا حتى الساعة الثانية عشرة ظهرًا.

وقد جرت عدة تعديلات على لائحة تنظيم السجون متعلقة بالزيارة والمراسلة بموجب قرار وزير الداخلية رقم 3320 لسنة 2014 فقد تم تعديل نص المادة 71 من اللائحة بحيث تمت زيادة مدة الزيارة العادية والخاصة التي يصرح بها تطبيقًا لنص المادة 40 من القانون إلى ستين دقيقة وهو أمر جيد حيث كانت في النص قبل التعديل ربع الساعة للزيارة العادية ونصف الساعة للزيارة الخاصة، وهي مدة غير كافية بالمرة للزيارة.

كما جرى تعديل بقانون السجون بموجب قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 106 لسنة 2015 وذلك بالمادة 38 حيث تقرر بها أن يكون لكل محكوم عليه الحق في الاتصال التليفوني بمقابل مادي.

وفيما يخص عدد الزائرين في السجون العمومية فقد نصت لائحة تنظيم السجون على ألا يجوز في الزيارة العادية أن يزيد عدد الزائرين للمحكوم عليه في المرة الواحدة على شخصين إلا بموافقة مدير السجن أو مأموره، مع عدم التقيد بعدد معين من الزائرين للمحبوسين احتياطيًّا، باعتبار أمر النيابة بزيارتهم نافذًا بأي عدد من الزائرين.

أما في السجون المركزية فلا يجوز أن يزيد عدد الزائرين على اثنين للمحكومين والمحبوسين احتياطيًّا على السواء إلا بموافقة مأمور السجن بحيث لا يزيد في هذه الحالة على أربعة أشخاص.

وقد أعطت اللائحة الداخلية للسجون الحق للمحكوم عليهم في إرسال خطابات بمقدار خطابين شهريًّا، ولمدير السجن أو مديره التصريح لهم بإرسال أكثر من خطابين شهريًّا، كما أن لهم حق استلام ما يرد إليهم من خطابات. وللمحكوم عليه بالحبس مع الشغل أن يرسل خطابًا واحدًا كل أسبوع، أما المحبوسون احتياطيًّا فلهم حق التراسل لذويهم وأصدقائهم في أي وقت.

وفي كل الأحوال أعطت القوانين واللوائح الحق لمدير السجن أو المأمور في الاطلاع وفض الخطابات التي ترد أو ترسل من وإلى السجناء والمحبوسين احتياطيًّا، مما يشكل اعتداء على الحرية الشخصية للمسجون بانتهاك حرمة حياته الخاصة.

الوضع في المواثيق والاتفاقيات الدولية:

القوانين والتشريعات المصرية تخالف القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء "قواعد نيلسون مانديلا" فيما يخص الزيارة والمراسلة في إطلاق يد جهة الإدارة في جواز منع الزيارة منعًا مطلقًا أو مقيدًا دون تحديد الحالات التي يجوز لها فيها إجراء هذا المنع وغلق السجون في وجه الزائرين ومنعهم من زيارة ذويهم. فلم يتحدد بالقانون واللائحة على وجه الدقة ما هي الظروف والأوقات التي تبيح لإدارة السجن منع الزيارة، وما هي الأسباب الصحية أو الأسباب المتعلقة بالأمن التي تبيح ذلك، فعدم التحديد هذا، يسهل لإدارات السجون اتخاذ إجراءات تعسفية في منع الزيارات وقتما تشاء دون إبداء أسباب منطقية ومعقولة لهذا المنع، والاعتماد بشكل كامل في التراسل على وسيلة الخطابات وهي وسيلة بُدائية قديمة جدًّا ولم تعد تستخدم في الواقع بين أفراد المجتمع.

وقد جاء النص على الزيارة والمراسلة بالقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء "قواعد نيلسون مانديلا" تحت عنوان الاتصال بالعالم الخارجي بالقاعدة رقم 58 وحتى القاعدة رقم 63 من القواعد وجاء بها أن يوزَّع السجناء، قدر المستطاع، على سجون قريبة من منازلهم أو أماكن إعادة تأهيلهم اجتماعيًّا ويُسمَح للسجناء، في ظل الرقابة الضرورية، بالاتصال بأسرهم وأصدقائهم على فترات منتظمة بالمراسلة كتابةً، وحيثما يكون متاحًا، باستخدام وسائل الاتصال والوسائل الإلكترونية والرقمية وغيرها وباستقبال الزيارات.

ونصت القواعد النموذجية أيضًا على أنه حيثما يُسمَح بالزيارات الزوجية، يُطبَّق هذا الحق دون تمييز، وتُتاح للسجينات إمكانية ممارسة هذا الحق على قدم المساواة مع الرجال. وتُوضع إجراءات وتُوفَّر أماكن لضمان إتاحة فرصة عادلة ومتساوية للانتفاع بهذا الحق، مع إيلاء العناية الواجبة للحفاظ على السلامة وصون الكرامة.

أما فيما يخص الزيارات، فقد نصت القواعد على أن يكون قبول دخول الزائرين إلى مرافق السجن رهنًا بموافقتهم على الخضوع للتفتيش. وللزائر أن يسحب موافقته في أيِّ وقت، وفي هذه الحالة يحقُّ لإدارة السجن منعه من الدخول، وألا يجوز أن تكون إجراءات تفتيش الزائرين ودخولهم مُهينةً وينبغي تجنُّب تفتيش تجاويف الجسم وعدم إخضاع الأطفال له.

وتقوم القواعد النموذجية بتناول مسألة الحق في الدفاع القانوني، فأتاحت للسجناء الفرصة والوقت والتسهيلات الملائمة لكي يزورهم محامٍ من اختيارهم أو مقدِّم للمساعدة القانونية يتكلَّمون معه ويستشيرونه، دونما إبطاء ولا تنصُّت ولا رقابة وبسرِّية تامة، بشأن أيِّ مسألة قانونية وفقًا للقانون الداخلي الساري. ويجوز أن تجري هذه الاستشارات تحت أبصار موظفي السجن، ولكن ليس على مسمعٍ منهم، وفي الحالات التي لا يتحدَّث فيها السجناء اللغة المحلية، تيسِّر إدارة السجن سُبل الحصول على خدمات مترجم شفوي كفء مستقل كما ينبغي أن تتاح للسجناء سُبل الحصول على مساعدة قانونية فعَّالة.

وتنص القواعد على وجوب منح السجناء الأجانب قدرًا معقولًا من التسهيلات للاتصال بالممثِّلين الدبلوماسيين والقنصليين للدولة التي ينتمون إليها وأن يُمنح السجناء الذين هم من رعايا دول ليس لها ممثِّلون دبلوماسيون أو قنصليون في البلد، واللاجئون وعديمو الجنسية، تسهيلات مماثلة للاتصال بالممثِّل الدبلوماسي للدولة المكلَّفة برعاية مصالحهم أو بأيَّة سلطة وطنية أو دولية تكون مهمتها حماية مثل هؤلاء الأشخاص.

وأخيرًا، أن تتاح للسجناء مواصلة الاطِّلاع بانتظام على مجرى الأحداث ذات الأهمية عن طريق قراءة الصحف اليومية أو الدورية أو المنشورات الخاصة التي تصدرها مؤسَّسة السجون أو بالاستماع إلى برامج إذاعية أو محاضرات، أو بأيِّ وسيلة مماثلة تسمح بها إدارة السجن أو تكون خاضعةً لإشرافها.