لجنة قضائية بريطانية تكشف تجاوزات استخباراتية بحق المبادرة المصرية
بيان صحفي
أصدرت اللجنة القضائية المشرفة على سلطات التحقيق في بريطانيا (IPT) وهي الجهة القضائية المختصة بالنظر في الشكاوى المتعلقة باستخدام الجهات الحكومية البريطانية لسلطات التجسس والرقابة والتنصت على الاتصاﻻت، قرارًا بتاريخ 22 يونيو 2015 أقرت فيه بأن إحدى أجهزة الاستخبارات البريطانية المعروفة باسم (GCHQ)، قد قامت بالتجسس على منظمتين غير حكوميتين، هما المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في مصر ومركز الموارد القانونية في جنوب إفريقيا، بشكل غير قانوني أو غير متسق مع القواعد والإجراءات المنظمة لإجراءات التجسس والرقابة على الاتصالات والتعامل مع البيانات الواردة من هذه العمليات.
تعود هذه القضية إلى دعوى مرفوعة منذ 2013 بعد تسريبات إدوارد سنودن، التي كشفت حجم التجسس على معلومات الاتصاﻻت التي تمارسها أجهزة الاستخبارات البريطانية والأمريكية عن طريق اعتراض الاتصاﻻت التي تمر بكابلات الاتصاﻻت العالمية.
وقد أثارت هذه التسريبات الكاشفة عن حجم التجسس والمراقبة التي تقوم بها الحكومتان الكثير من الانتقادات من داخل ومن خارج البلدين وبخاصة أن أجهزة الاستخبارات في البلدين كانت تقوم باعتراض الاتصاﻻت الخارجية بالأساس، مما يعني أن الأغلبية العظمى من المتضررين من عمليات التجسس واسعة النطاق (mass surveillance) كانوا من مواطني الدول الأخرى. وفي هذا الإطار جاءت تحركات أكثر من جهة وأكثر من منظمة معنية بالحريات المدنية وبالحق في الخصوصية لرفع دعاوى قانونية تختصم الحكومة البريطانية وأجهزة استخباراتها لإجبارها على كشف نطاق التجسس الذي تقوم به ومدى التزامه بالإجراءات القانونية. ومن ضمن هذه الدعاوى دعوى رفعتها منظمة Liberty الإنجليزية، التي تعمل على تعزيز الحريات المدنية في بريطانيا وانضمت إليها المبادرة المصرية والمنظمة الجنوب إفريقية ومنظمات أخرى من دول مختلفة قد شكت في أنها قد تكون تعرضت للتجسس بشكل ينتهك خصوصياتها بموجب برنامج التجسس البريطاني المعروف باسم Tempora.
ونظرت المحكمة أو اللجنة القضائية المختصة (IPT) في أكثر من دعوى مقدمة من أكثر من طرف، وهي مخولة فقط بإصدار قرارات في مدى قانونية عمليات اعتراض الاتصاﻻت أو التجسس التي تقوم بها أجهزة الاستخبارات البريطانية. وجاء قرارها بالأمس في الدعوى المقدمة من Liberty وآخرين بإقرارها بأن المبادرة المصرية ومركز الموارد القانونية الجنوب إفريقي قد تعرضا لاعتراض اتصاﻻت بشكل شابه العوار القانوني، وتحديدًا فيما يتعلق بالمبادرة المصرية فقد أقرت اللجنة القضائية بأن الاستخبارات البريطانية قد اخترقت اتصاﻻت المبادرة المصرية واحتفظت بها "لفترة أطول من الفترة المسموح بها قانونيًّا"، وأمرت الجهاز الاستخباراتي بإعدام الملفات الموجودة لديها. ولكنها قضت بأن ذلك لم يكن من شأنه وقوع أي ضرر مادي على المنظمات المعنية وعلى هذا الأساس بعدم ضرورة دفع أي تعويضات.
وقد كانت المبادرة المصرية قد انضمت في وقت سابق من العام 2014 بالفعل مع منظمات أخرى من أكثر من 9 دول أخرى إلى دعوى مرفوعة أمام محكمة حقوق الإنسان الأوروبية تختصم فيها نفس الجهات البريطانية. وتأمل المبادرة المصرية والمنظمات الأخرى من الدول المختلفة المنضمة إلى الدعوى أن تدين المحكمة الأوروبية ـ وهي تملك سلطة إصدار قرارات ملزمة للحكومة البريطانية ـ الحكومة البريطانية بانتهاك المادتين الثامنة والعاشرة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، المتعلقتين بالحق في الخصوصية وحرية التعبير، وأن تذهب إلى أبعد مما ذهبت إليه اللجنة القضائية البريطانية (IPT) وتقر بأن الإجراءات المنظمة لعمل الجهات الاستخباراتية البريطانية وبخاصة فيما يتعلق بالبرامج التي تسمح باعتراض معلومات على هذا النطاق العريض ﻻ تحمل الضمانات الكافية وتسمح باتخاذ قرارات تجسس وتجميع معلومات بشكل غير خاضع لمعايير التناسبية والضرورة وهي المعايير التي تحكم عمل أجهزة الدولة في أي قرار تتخذه بما فيها قرارات التجسس في الدول الديمقراطية. كما نأمل أن تجبر المحكمةُ الحكومةَ البريطانية على نشر إجراءاتها والقواعد الحاكمة السرية حتى الآن، وأن تشدد من الضمانات ومن التصاريح القضائية المطلوبة لممارسة هذا النوع من التجسس.
هذه الواقعة هي في أغلب الظن قطرة في بحر عريض من المعلومات التي تعترضها أجهزة الاستخبارات البريطانية والأمريكية بموجب برنامجي PRISM وTEMPORA بصفة يومية، وكما استعرضنا سابقًا، فإن هذه الاختراقات قد تطال أفراداً ومواطنين ومنظمات وحتى حكومات في أغلب دول العالم. والمبادرة المصرية تعمل في إطار حركة دولية وتحالف من منظمات الحريات المدنية التي تسعى إلى مقاومة هذا المستوى غير المسبوق من اختراق الحق في الخصوصية والتجسس وكشف أسراره.
للاطلاع على نص القرار، اضغط هنا