الأحكام الأخيرة في أحداث مجلس الوزراء دليل واضح على انهيار نظام العدالة في مصر .. 17منظمة حقوقية تطالب المجلس الأعلى للقضاء بالتدخل لاستعادة احترام القضاء

بيان صحفي

5 فبراير 2015

 تعرب المنظمات الموقعة على هذا البيان عن استيائها البالغ من الحكم" الجائر" الصادر أمس الأربعاء 4 فبراير 2015، بالسجن المؤبد لـ229 متهمًا، بينهم الناشط السياسي أحمد دومة، ومسئولة برنامج المدافعين عن حقوق الإنسان بمركز هشام مبارك للقانون هند نافع وآخرين، وتغريمهم متضامنين بسبعة عشر مليون وستمائة وثماني وأربعون ألف وثمانمائة وثمانية عشر جنيه، والسجن لمدة 10 سنوات لـ39 متهم من الأحداث القصر، وذلك في القضية المعروفة إعلاميًا "بقضية مجلس الوزراء" والتي ترجع أحداثها إلى ديسمبر 2011 حينما قامت قوات الجيش والشرطة بفض اعتصام بمحيط مبنى مجلس الوزراء باستخدام القوة المفرطة والمميتة والاعتداء على المشاركات وتعريتهن، وارتبطت في أذهان الكثيرين بصورة الفتاه التي قام جنود من الجيش بتعريتها وركلها دون رحمة.

وتعتبر المنظمات أن هذه المحاكمة دليلاً داغما على وجود خلل جسيم في نظام العدالة في مصر، ففي الوقت الذي صدر فيه هذا الحكم الجماعي القاسي بحق المتظاهرين والمعتصمين، لم تتم محاسبة أي من أفراد الجيش والشرطة الذين شاركوا في فض هذا الاعتصام وقتلوا ما يقرب من 17 متظاهر وقاموا بتعرية المشاركات والاعتداء عليهن، ومن بينهن على سبيل المثال هند نافع التي تعرضت للضرب المبرح، وحكم عليها أمس بالسجن المؤبد، بينما لم يحاسب أحد على ضربها وإهانتها.

وتؤكد المنظمات الموقعة أن مثل تلك المحاكم وأحكامها الجائرة أظهرت القضاء المصري كخصم -وليس حكم- يفرط في توقيع أقصى العقوبات، يهدرا أقل ضمانات العدالة، ويصدر أحكاما بالجملة علي المئات بالإعدام و المؤبد. فالحكم الجماعي بالمؤبد في أحداث مجلس الوزراء لم يكن الأول من نوعه، فقبله بيومين صدر حكم بإعدام 183 شخص، وقبل ذلك صدر حكم بإعدام 220 شخص أخر في محكمتي المنيا وبني سويف، فضلاً عن أحكام جماعية بالمؤيد على 492 شخص في أحداث المنيا، وغيرها الكثير من الأحكام التي لا يتسع هذا البيان لذكرها، والتي من شأنها أن تعزز من الدوافع لممارسة أعمال الثأر والانتقام والعنف السياسي، والمستفيد الوحيد منها هم الجماعات الإرهابية.

شهدت قضية أحداث مجلس الوزراء مجموعة من التجاوزات القانونية من قِبل هيئة المحكمة بحق المتهمين وهيئة الدفاع على حد سواء، بدءً من تصريح القاضي رئيس الدائرة بموقفه الشخصي العدائي من المتهمين، مرورًا بإصدار المحكمة قرارها في وقت لاحق بالسجن ثلاث سنوات لأحمد دومة بتهمة إهانة المحكمة، بعدما اعترض على إبداء رئيس الدائرة رأيه في الدعوى.

كما مارست هيئة المحكمة إرهابًا على المحامين من هيئة الدفاع، إذ سبق وأحالت خمسة محامين من أعضاء فريق الدفاع –المكونة من ستة محامين– إلى التحقيق بتهم مختلفة، لإصرارهم علي تحقيق طلباتهم وإكمال الجزء الناقص أو المفقود من أوراق القضية. الأمر الذي دفع نقيب المحامين إلى إصدار قرار في 22 نوفمبر 2014 بمنع حضور أي محام أمام تلك الدائرة، وإلزام المحامين بعدم قبول الانتداب في هذه القضية، وإحالة المخالفين لقرار مجلس النقابة للتأديب –الأمر الذي حدث بالفعل مع محامي قَبِّل الانتداب في القضية– وذلك ردًا على الاعتداء المتكرر من قاضي الدائرة على المحامين والإخلال بالضمانات الممنوحة لهم بموجب الدستور والقانون، وتعسف هيئة المحكمة في استخدام الصلاحيات المقررة لها قانونًا لضبط الجلسة في اتهام المحامين وشكايتهم، بعد ترويعهم وإقصائهم عن التمسك بطلبات الدفاع الجوهرية عن موكليهم، فضلًا عن الاستهانة والاستخفاف بالمحامين الحاضرين أمام تلك الدائرة، وذلك على حد نص القرار.

وما يدعوا للاستياء أن مجلس القضاء الأعلى لم يلتفت إلى القرار الصادر من مجلس نقابة المحامين رغم إبلاغه به، وعزف عن التدخل لاحتواء الأزمة أو مجرد التحقق من جدوى قرار نقابة المحامين. فما كان من القاضي إلا أن صمم على عقد الجلسات بدون محامين أصلاء عن دومة، المتهم الوحيد الحاضر، ملتفا عن حقه في الدفاع ومستندا إلى ثغرات النصوص التي تجيز له ندب محام لاستيفاء الشكل فقط.

ومن ثم تطالب المنظمات الموقعة المجلس الأعلى للقضاء لما له من مكانة وسلطة أدبية على القضاء في مصر بالتدخل لوقف مسلسل انهيار منظومة العدالة المستمر، وإيجاد سبل لإصلاحه، أهمها أن ينأى القضاء بنفسه عن الدخول في الصراع السياسي، والالتزام بتحقيق العدل.

جدير بالذكر أن أحمد دومة كان قد سبق الحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه 50 ألف جنيه لمشاركته في مظاهرة أمام محكمة عابدين، ورفضت المحكمة قبول النقض في تلك القضية مؤخرًا، كما صدر بحقه حكمًا بالسجن ثلاث سنوات بتهمة إهانة المحكمة التي تنظر قضية أحداث مجلس الوزراء، وختامًا حُكم عليه أمس بالسجن المؤبد في القضية نفسها، مما يعني أن أحمد دومة يعاقب الآن على ممارسته لحقه الدستوري في التجمع السلمي بالسجن لمدة 31 عام.

المنظمات الموقعة:

1. مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان

2. الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون

3. جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء

4. الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان

5. المبادرة المصرية للحقوق الشخصية

6. المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية

7. مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب

8. مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف

9. مركز قضايا المرأة المصرية

10. مركز هشام مبارك للقانون

11. مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية (أكت)

12. مصريون ضد التمييز الديني

13. المفوضية المصرية للحقوق والحريات

14. المنظمة العربية للإصلاح الجنائي

15. مؤسسة حرية الفكر والتعبير

16. المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة

17. الائتلاف المصري لحقوق الطفل