المبادرة المصرية: زيادات أسعار الكهرباء مجحفة للفقراء
بيان صحفي
في مؤتمر صحفي بمقر رئاسة الوزراء، يوم 5 من يوليو الجاري، صرح رئيس الوزراء إبراهيم محلب: "كيف أحقق عدالة اجتماعية وأنا أدعم الغني على حساب الفقير؟"، لهذا جاءت زيادات أسعار الكهرباء مفاجئة ومتناقضة مع تصريحاته حيث نص قراره رقم 1257 لسنة 2014 بزيادات تتراوح ما بين 17% إلى 56% في قيمة فواتير الاستهلاك المنزلي، وتحمل الفقراء النصيب الأكبر من هذه الزيادات.
فقد أعلن المسئولون أن شريحة الفقراء التي تدعمها الدولة و تتمتع بأعلي نسبة للدعم هي شريحة الاستهلاك من 0-50 كيلو وات ساعة (ك.و.س.) شهريًّا، وهو ادعاء بعيد تمامًا عن الصحة. فحسب بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك لعام 2004 الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن شريحة فئة الدخل الأكثر فقرًا، الذين يمثلون 20% من السكان، تستهلك الكهرباء بمتوسط 195 ك.و.س. شهريًّا، بينما تستهلك فئة الدخل الفقيرة، التي تمثل 20% ـ أيضًا ـ من السكان، 210 ك.و.س. شهريًّا. فحقيقة الأمر أن شريحة الاستهلاك من0-50 ك.و.س. ما هي إلا لوحدات سكنية مغلقة، أو لوحدات يتم استخدامها بصفة غير دورية، مثل المصايف، أو تمثل عدادات السلم والمنافع للعقار. فعند مقارنة استهلاك فئتي الدخل الأكثر فقرًا والفقراء بزيادات شرائح استهلاك الكهرباء، نلاحظ وقوع استهلاكهما في الشريحة الثالثة والرابعة ، اللتين ارتفعت تعريفتهما بنسب 56% و39% على الترتيب، وهي الزيادات الأعلى بين الشرائح. بينما ارتفعت الشرائح الخامسة والسادسة والسابعة، التي تمثل استهلاك فئات الدخل المتوسط والأعلى من المتوسط والأغنياء بنسب ما بين 25% و17% (انظر جدول رقم 1).
كما أظهرت هذه الزيادات غيابًا تامًّا لإدراك المسئولين أنماط استهلاك الكهرباء والتقصير في وضع تعريفات تشجع علي الترشيد. فحسب تقرير" وصف محافظات مصر بالمعلومات لعام 2010” الصادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، فإن متوسط نصيب الأسرة من اﻻستهلاك المنزلي للكهرباء علي مستوى الجمهورية 232 ك.و.س. شهريًّا، ولكن متوسط نصيب الأسرة بالمحافظات السياحية كمطروح وجنوب سيناء والبحر الأحمر ما بين 388 و476 ك.و.س. شهريًّا، أي نحو الضعف، بينما يرتفع متوسط نصيب الأسرة في محافظة القاهرة إلى 600 ك.و.س. شهريًّا، أي نحو ثلاثة أضعاف متوسط الجمهورية. ولكن زيادات الأسعار في الشريحتين الثالثة والرابعة بالمقارنة بالشرائح الأعلى، تبدو كأنها تعاقب فعليًّا المحافظات التي يقل متوسط استهلاك أسرها عن متوسط الجمهورية مثل غالبية محافظات الدلتا والصعيد ومن يرشِّد استهلاكه ويخفضه مقارنةً بالمحافظات والأفراد الأكثر استهلاكًا.
الحقيقة أن القرار الأخير برفع أسعار الكهرباء للاستخدام المنزلي كان القرار الأسهل لحكومة غير قادرة على تحصيل متأخراتها من كبرى الشركات الخاصة أو الأجهزة الحكومية نفسها، ووزارة غير قادرة على إدارة مرفق الكهرباء بالكفاءة المطلوبة. فحسب تقرير الشركة القابضة لكهرباء مصر وصلت مستحقات الشركة لدى الأجهزة الحكومية 16 مليار جنيه، من بينهم وزارة الإسكان والقوات المسلحة والشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، بالإضافة إلى فواتير لشركات القطاعات العام والخاص لم تحصل بقيمة 9 مليار جنيه. . بينما ارتفع فاقد الشبكة إلي 14% لعام 2013/2014، بزيادة 2% عن العام الماضي، الذي يقدر قيمته لكمية الكهرباء المولدة عام 2012-2013، بنحو 10.9 مليار جنيه. ولكن بدلًا من مساعدة الحكومة شركة الكهرباء في تحصيل متأخراتها من الوزارات الأخرى لتسديد مديونيتها لوزارة البترول وبنك الاستثمار القومي والتي تقدر بنحو 56 مليار جنيه، وبدلًا من الاستثمار في نظم أكثر كفاءة يقلل من خسائر نقل الكهرباء عبر الشبكة، يتم إجبار الفقراء على سداد ديون شركات الكهرباء وتحمل خسائر الكهرباء المهدرة.
فإن كانت الحكومة صادقة في تطبيقها للعدالة الاجتماعية وضمان حق المصريين في الطاقة، فإن عليها وضع تعريفات للاستهلاك المنزلي للكهرباء عادلة، مبنية على الدراسات الاجتماعية والإحصاءات، وضبط التدرج التعريفي لتشجيع الترشيد بناءً على التوزيع الجغرافي للاستهلاك وأنماطه، ما بين الاستهلاك للأغراض الاجتماعية، كالسكن الأساسي، والاستهلاك للأغراض الترفيهية، كسكن المصيف أو المسكن الثانوي والوحدات السكنية التي تستخدم استخدامًا تجاريًّا، مثل العيادات والمكاتب الاستشارية، إلخ ... التي يتم محاسبتها على أنها وحدات سكنية. هذا بالإضافة إلي توجيه الاستثمارات في قطاع الكهرباء إلي رفع كفاءة الشبكة لخفض فقد الكهرباء، الذي يكلفنا المليارات كل عام، وإدارة أكفأ لأحمال الذروة، الذي يتم تطبيقه بطرق غير عادلة على المدن الثانوية والريف، مع أنهم الأكثر ترشيدًا في استهلاكهم للكهرباء.