بعد تغريم دميانة عبد النور مائة ألف جنيهًا دعاوى ازدراء الأديان أصبحت سلاحًا لقمع الأقليات الدينية
بيان صحفي
تدين مؤسسة حرية الفكر والتعبير والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية حكم محكمة جنح الأقصر الجزئية الذي قضى بتغريم المعلمة القبطية "دميانة عبيد عبد النور" مائة ألف جنيهًا، وإحالة الشق المدني للمحكمة المدنية المختصة، وذلك في القضية رقم 1647 لسنة 2013 المقامة من النيابة العامة، محذرين من تزايد وتيرة تلك القضايا التي يتضح أنها تستند إلى المناخ العام المدعوم من السلطة الحاكمة والمعادي لحرية التعبير وحرية المعتقد.
وترى المؤسستان أن هناك محاولات للحد من حرية التعبير عن طريق استخدام هذه التهمة في قمع الأقليات الدينية وأصحاب الآراء التي يراها البعض غير مألوفة. فنتائج رصد محاكمات ازدراء الأديان على مدار الأشهر القليلة الماضية يعطي مؤشرًا خطيرًا بوجود تمييز ديني واضح ضد من يتم استهدافهم بهذه الاتهامات، حيث ينتمي أغلبهم إلى أقليات دينية. فــ"دميانة عبد النور" ليست الضحية الأولى لقضايا ازدراء الأديان ولكن سبقها ما يزيد عن عشر قضايا منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير، من أبرزها المدون "ألبير صابر" والمدرس "بيشوى كميل" والمحامي "روماني مراد" والمدرس "الأحمدي مصطفى حسن" والمدرس الشيعي "محمد عصفور".
تعود وقائع القبض على دميانة عبد النور، المُعلمة بمدرسة الشيخ سلطان الابتدائية بمحافظة الأقصر مركز العدسات، قرية طود، إلى قيام ولي أمر أحد طلاب المدرسة بتقديم بلاغ ضدها، اتهمها فيه بازدراء الدين الإسلامي أثناء تدريسها منهج الدراسات الاجتماعية للطلاب، وقد قامت إدارة المدرسة بإجراء تحقيق داخلي حول الواقعة، بسؤال العديد من الطلاب اللذين أنكر أغلبهم قيامها بما هو منسوب إليها في هذا البلاغ، كما أوضحت دميانة لمحامي مؤسسة حرية الفكر والتعبير، أن كل ما قامت به هو عرض مقارنة للأديان في العصور القديمة والعصور الوسطى والعصر الحديث على النحو الوارد بالمنهج المدرسي.
وكانت النيابة العامة قد أصدرت قرارها بضبط وإحضار "دميانة عبد النور" بتاريخ 4 مايو الماضي، وقد مثلت للتحقيق بتاريخ 8 من الشهر ذاته، حيث قررت النيابة حبسها أربعة أيام على ذمة التحقيقات، ثم مثُلت مرة أخرى أمام القاضي الجزئي للنظر في تجديد حبسها بتاريخ 11 مايو، وقد قرر تجديد حبسها لمدة 15 يومًا. بعدها تم حجز القضية للحكم وتأجيلها مرتين حتى جاء حكم المحكمة الثلاثاء الماضي. والجدير بالذكر أن النيابة العامة قد اتهمت دميانة عبد النور بارتكاب جنحة ازدراء الأديان المنصوص عليها بموجب المادة 161 من قانون العقوبات، بعد أن أجرت تحقيقاتها وقررت حبسها أربعة أيام على ذمة التحقيقات، ثم تجديد حبسها لمدة 15 يومًا، ثم إخلاء سبيلها بكفالة 20 ألف جنيهًا.
وعلى الرغم من أن نص المادة 161 من قانون العقوبات الذي حوكمت بموجبه دميانة عبد النور يحدد العقوبة بالحبس وبغرامة لا تقل عن مائة جنيهًا ولا تزيد على خمسمائة جنيهًا أو بإحدى هاتين العقوبتين، إلا أن المحكمة خرجت على نص القانون وغلبت القسوة على حكمها، حيث عاقبتها بغرامة مائة ألف جنيه، وهو ما يجعل من الحكم الصادر ضدها باطلاً بطلانًا مطلقًا.
تطالب المنظمتان السلطة المصرية بالتدخل التشريعي اللازم لإيقاف هذا النوع من المحاكمات، كما تطالب النائب العام بضرورة الالتفات عن البلاغات التي يتلقاها بهذا الصدد، حيث تتسم هذه البلاغات بالكيدية، والتربص بأشخاص المتهمين الذين لم يفلت أيهم من سيف الحكم بالإدانة على الرغم من ضعف الأدلة؛ بل وانعدامها في بعض الحالات، كما تؤكد على أن وزارة العدل تقع على عاتقها مسئولية ضرورة نقل محاكمات ازدراء الأديان للقاهرة، حتى يتمكن دفاع المتهمين من أداء واجبه، خاصة بعد انتشار حالات التعرض والاعتداء على دفاع المتهمين في قضايا ازدراء الأديان.