المبادرة المصرية تطالب بسرعة القبض على المتورطين في هدم الجمعية القبطية بالفيوم
بيان صحفي
أعربت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عن انزعاجها الشديد من تعامل مؤسسات الدولة مع قيام مجموعة من الأهالي بهدم مبنى جمعية العجايبي القبطية الأرثوذكسية -تحت الإنشاء- يوم الثلاثاء 15 يناير 2013 والواقعة في عزبة فانوس، مركز طامية، بمحافظة الفيوم، بحجة خشية المعتدين من تحولها لكنيسة.
و أشارت المبادرة إلى أن هذه الواقعة تمثل جرس إنذار للمسئولين من أجل التحرك العاجل لوضع حد لمسلسل الاعتداءات على مواطنين أقباط وممتلكاتهم، بحجة رفض الأغلبية المسلمة لوجود كنيسة أو مبنى خدمي مسيحي بالمنطقة.
وقال إسحق إبراهيم، مسئول ملف حرية الدين والمعتقد في المبادرة المصرية: "كعادتها، تقاعست الشرطة عن حماية الأرواح والممتلكات، وحضرت إلى موقع الاعتداءات بعد الانتهاء من هدم المبنى بالكامل، كما أنها لم تلق القبض على المتهمين الذين كان يفترض بعمدة القرية -المُعين من وزارة الداخلية- التعرف عليهم، وهو الذي وقعت الاعتداءات في حضوره."
وأضاف إبراهيم: "هذا التقاعس ظهر أيضا في تحقيقات النيابة، ففي إفادة من أحمد يوسف عبد السلام مدير نيابة مركز أطسا، والمسئول عن التحقيق في الواقعة، اتضح أن النيابة العامة تحقق في الواقعة باعتبارها اعتداء على ممتلكات دون إبراز البعد الطائفي في ذلك، وتعتمد بالأساس على تحريات المباحث دون أن تقوم بواجبها باعتبارها سلطة التحقيق التي كان ينبغي عليها جمع المعلومات بنفسها مثلما يتيح لها القانون."
وطالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية النيابة العامة بسرعة إنجاز تحقيقاتها وتقديم المحرضين ومن هدموا المبنى إلى المحاكمة، بدلا عن التصالح في الجلسات العرفية، وكذلك مساءلة أجهزة الأمن لفشلها في منع وقوع الاعتداءات وتأخرها في أداء عملها. كما طالبت المبادرة المصرية وزارة الشئون الاجتماعية ومحافظة الفيوم بتعويض الجمعية وتمكينها من إعادة بناء المبنى واستئناف مزاولة نشاطها وخدماتها للمجتمع والمواطنين. كما جددت المبادرة المصرية مطالبتها بقانون عادل لتنظيم بناء دور العبادة بما يسمح ببناء الكنائس وبتقنين وضع الكنائس المقامة بالفعل، وبما تيح للمواطنين المصريين المسيحيين ممارسة شعائرهم ومعتقداتهم الدينية دون مشكلات.
خلفية
وفقا لإفادات شهود العيان وصور المستندات التي حصل عليها باحثو المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فإن أهالي قرية فانوس بمركز طامية، محافظة الفيوم حصلوا على قرار من إدارة الجمعيات بمديرية التضامن الاجتماعي في الفيوم بتاريخ 7 أغسطس 2011 بقيد جمعية العجايبي القبطية الأرثوذكسية بالقرية. وجاء في قرار القيد أن يكون نطاق عمل الجمعية تقديم الخدمات الثقافية والعلمية والصحية والمساعدات والخدمات الاجتماعية ورعاية الفئات الخاصة. وفي 5 فبراير 2012، تبرع فهمي عبد السيد عيد بمساحة 45 مترا مربعا للجمعية، وشرع إثر ذلك أهالي القرية منذ ثلاثة أشهر في بناء مقر للجمعية على هذه المساحة من دورين: الأول يستخدم كدار للمناسبات، والثاني كحضانة. وكان العمل جاريا في الانتهاء من الدور الثاني وقت وقوع الاعتداءات.
وفي مساء الاثنين 14 يناير 2013، أبلغ عدد من سكان القرية من المسلمين عمدة القرية مراد أبو مغيب باعتراضهم على وجود ذلك المبنى بحجة أنه سيُحول لكنيسة، وهو ما يرفضه الأهالي. وجرت اتصالات بين عمدة القرية والقس أرميا شوقي الكاهن المسئول عن الخدمة بالقرية وعدد من مسيحيي القرية، واتفقوا على حل الخلاف وديا.
وفي صباح اليوم التالي، توجه العمدة إلى المبنى الذي يوجد وسط منازل المسيحيين، وطالب المسئولين عن الجمعية بهدم الدور الثاني والاكتفاء بالأول فقط إرضاء للجانب المسلم، وهو ما وافق عليه المسيحيون، غير أنه وأثناء حضور عمدة القرية تجمهر عدة مئات من سكان القرية والقرى المجاورة، وقاموا بهدم المبنى وهم يرددون هتافات دينية وطائفية، بينما بقي مسيحيو القرية داخل منازلهم طوال عملية الهدم التي استغرقت نحو الساعتين.
وأفاد شهود عيان أن أحد المواطنين دعا من مكبرات الصوت بمسجد في القرية لنصرة الإسلام والخروج لهدم الكنيسة التي تبنى، وقال: "الله أكبر! انصروا الإسلام! المسيحيين بيبنوا كنيسة! انصروا عزة الإسلام!". وقد توجه المئات عقب ذلك وهدموا المبنى حتى سُوي بالأرض.
في تلك الأثناء، أجرت قيادات الكنيسة اتصالات بأجهزة الأمن بالمركز ومدير أمن الفيوم. حضرت الشرطة إلى موقع الاعتداءات بعد أكثر من ساعتين، بعد أن تم الانتهاء من هدم المبنى بالفعل، ولم تقبض على أي من المحرضين أو مرتكبي الاعتداء. وحررت الشرطة بلاغا بالواقعة رقمه 223 لسنة 2013 قسم أطسا. واستمعت النيابة لأقوال القس أرميا شوقي، ولأقوال فهمي عبد السيد المتبرع بالأرض مساء الثلاثاء، حيث شهدا أن عمليات الهدم جرت أثناء تواجد عمدة القرية، واتهما أحد الأشخاص بتحريض الأهالي على الاعتداء على المبنى. وانتقلت نيابة أطسا برئاسة أحمد عبد السلام يوسف رئيس النيابة إلى موقع المبنى وعاينته.
وأفاد أحمد يوسف عبد السلام مدير نيابة أطسا في اتصال تليفوني مع المبادرة المصرية أن دور النيابة العامة في التحقيق لن يتجاوز البحث في مدى قانونية البناء وإن كان تم بترخيص أو بدونه، وما حدث من إتلاف لمال الغير، ولن يتطرق إلى النواحي التنظيمية والإدارية للجمعية وأحقيتها في إعادة بناء المبنى. وأضاف أن النيابة استمعت إلى أقوال مسيحيين بالقرية كما استمعت إلى أقوال عمدة القرية، والذي أفاد أن من هدموا مبنى الجمعية الأرثوذكسية كانوا صبية لا تتجاوز أعمارهم الثمانية عشر عاما، وأنه لا يعرف أسماءهم. وأفاد مدير النيابة أن النيابة العامة في انتظار تحريات المباحث لاستكمال التحقيقات.
وقد قدم كاهن القرية طلبا لمحافظ الفيوم يوم 16 يناير الجاري مرفقا به صورة المستندات التي تدل على حصول الجمعية على التراخيص الرسمية، وطالبا تحقيق العدالة والقبض على المتهمين، وإعادة بناء المبنى مع صرف تعويض مناسب، حيث قدر قيمة الخسائر بنحو خمسة وثمانين ألف جنيه. ووعد المحافظ بمناقشة الأمر مع مدير الأمن لبحث السبل المناسبة للتعامل مع المشكلة.