انسحاب المنظمات الحقوقية وأسر شهداء ماسبيرو من أمام المحكمة العسكرية- لن نكون غطاءً لمحاكمة صورية لا تسعى لتحقيق العدالة
بيان صحفي
قررت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف ومحامو أسر شهداء ماسبيرو الانسحاب من أمام المحكمة العسكرية في قضية مقتل المتظاهرين السلميين يوم ٩ أكتوبر الماضي دهساً بمركبات تابعة للقوات المسلحة أمام مبني اتحاد الإذاعة والتلفزيون، المعروفة بمذبحة ماسبيرو، حيث أثبت القضاء العسكري مرة أخرى، وبعد اثنتي عشرة جلسة، أنه غير معني بتحقيق العدالة.
وكانت النيابة العسكرية قد وجهت إلى ثلاثة مجندين الاتهام بأنهم “تسببوا بخطئهم في موت أربعة عشر شخصا من المتجمهرين أمام مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون، وكان ذلك ناشئا عن إهمالهم وعدم احترازهم كونهم سائقي المركبات والمدرعات التابعة للقوات المسلحة والتي قادوها بطريقة عشوائية لا تتناسب وحالة الطريق الذاخر بالمتجمهرين مما أدى إلى اصطدامهم بالمجني عليهم.”
ومن الجدير بالذكر أن أهالي الشهداء والمنظمات الموقعة قد علموا بشكل مفاجئ وبعد مرور أكثر من عشرة أسابيع على المذبحة، بتداول القضية أمام القضاء العسكري وفقاً للبيان الصادر بتاريخ 20/12/2011 من رئيس هيئة القضاء العسكري، والذي صرح فيه بأن قضيتي مذبحة ماسبيرو وكشف العذرية ينظرهما القضاء العسكري.
وأتى قرار نظر القضاء العسكري للقضية بالمخالفة لقرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المؤرخ 23/10/2011 والمنشور بالصفحة الرسمية للمجلس على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، بإحالة التحقيقات بشأن مذبحة ماسبيرو إلى القضاء المدني “نيابة أمن الدولة” والتي أحالتها بدورها إلى قضاة تحقيق منتدبين من قبل وزير العدل.
ويتعارض تصدي القضاء العسكري للقضية بالتوازي مع قاضي التحقيق مع مقتضيات العدالة في أن تقوم جهة قضائية واحدة بالتحقيق في الجرائم المرتكبة في تلك الأحداث، وصولاً للجناة الحقيقيين وإنزال العقاب بهم.
وفيما يتعلق بممارسات القضاء العسكري في تلك القضية، فقد اقتصرت على إفراغ أية أدلة يقدمها دفاع الضحايا من مضمونها، أو تأجيل البت في طلبات تعديل وصف الاتهام من جنحة القتل الخطأ إلى جناية القتل العمد، وكذلك الالتفات عن الطلبات التي تشير إلى أن هناك متهمين آخرين غير هؤلاء الجنود الثلاثة الذين قُدموا للمحاكمة لمسئوليتهم عن تلك المذبحة.
ويفصح ملف الدعوى، التي لم تتعدى أوراق التحقيقات فيها الثلاثين ورقة، عن عدم تقديم النيابة العسكرية أي دليل يساند اتهامها بشأن هؤلاء المتهمين الثلاثة، إضافة إلى عدم سماح المحكمة للمحامين بالاطلاع إلا على أوراق التحقيقات، ومنعهم من الاطلاع على الأوراق والمستندات الأخرى الموجودة بملف الدعوى، مما يحول دون ممارسة المحامين لعملهم على الوجه الصحيح، وهو ما يعتبر وجها آخر للإخلال بمقتضيات العدالة.
إن التحقيقات القضائية العسكرية والمدنية على حد سواء ومن بدايتها تدور وجوداً وعدماً حول نقطة واحدة وهي البحث عن كيفية إدانة المتظاهرين، وهو ما يتوافق مع نفي المجلس العسكري تورط الجيش في أحداث ماسبيرو بمؤتمر صحفي عقده بعد بثلاثة أيام من المذبحة.
ومن ثم فقد قررت المنظمات ومحامو أسر الشهداء الانسحاب استشعاراً بأن استكمال العمل على هذا النحو، وفي ظل الانحياز الواضح للقضاء العسكري، يشكل مجرد غطاءً يضفي شرعية على محاكمات تهدر حقوق الضحايا ولا تسعى للإقامة العدالة. وتؤكد المنظمات وأسر الشهداء على استمرارهم في السعي لتحقيق العدالة واسترجاع حقوق الشهداء ومحاسبة كافة المسئولين الحقيقيين عن مذبحة ماسبيرو، سواء من تورطوا في إعطاء الأوامر بالهجوم على المتظاهرين، أو تنفيذ ذلك الهجوم، أو محاولة التستر على الجريمة عبر إخفاء الأدلة والحقائق.
وإننا إذ نعلن انسحابنا اليوم فإننا نؤكد على المطلب الأساسي لأهالي الشهداء والمنظمات الحقوقية الذي أعلنوه في أعقاب المذبحة وهو:
تشكيل هيئة تحقيق قضائية مدنية مستقلة بصلاحيات واسعة لنظر كافة تفاصيل المذبحة، على أن يشمل اختصاصها التحقيق مع أفراد القوات المسلحة وعلى أن يتضمن التحقيق ملابسات الدعاوى التحريضية في الإعلام الرسمي ضد الأقباط، وعلى أن تعلن اللجنة نتائج تحقيقاتها في مدة أقصاها ثلاثة أسابيع في مؤتمر صحفي، محددة الجناة والإجراءات القانونية واجبة التفعيل في هذا السياق حتى يحال جميع من يثبت تورطهم فيها إلى القضاء.
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف
من محامي أسر الشهداء، الاساتذة: سعيد فايز، ثروت بخيت، جرجس بباوي