بلا ضمانات… تمديد حبس أكثر من 1500 متهمًا بقرارات جماعية مخالفة للقانون

خبر

3 مارس 2024

أمرت الدائرة الثالثة إرهاب المنعقدة بمركز الإصلاح والتأهيل ببدر باستمرار حبس 1516 متهمًا على ذمة قضايا مختلفة، إما بإصدار قرار بمد الحبس الاحتياطي لمدة 45 يومًا في غيبة دفاعهم، أو بإصدار قرار بتأجيل النظر في أمر حبسهم. وذلك خلال عدة جلسات عُقدت على مدار أربعة أيام ما بين 25 وحتى 28 فبراير 2024، عن طريق خاصية "الفيديو كونفرنس".

وقررت الدائرة الثالثة إرهاب برئاسة المستشار وجدي عبد المنعم، استمرار حبس جميع المعروضين عليها خلال طوال الشهر الماضي، كما سبق لها أن قررت في يناير السابق عليه. ففي فبراير أيضًا، تكرر ما شهده محامو المبادرة المصرية، خلال جلسات افتقرت الحد الأدنى من ضمانات حقوق المتهمين في محاكمة عادلة. حيث أصدرت الدائرة مئات القرارات بتمديد الحبس الاحتياطي، من دون فحص أي من ملفات المتهمين أثناء الجلسات، مع منع المحامين من الحضور مع موكليهم في بعض الأحيان. فضلًا عن عدم السماح للمحامين الحاضرين بالتأكد من حضور موكليهم على شاشة العرض، وحرمانهم من المرافعة، وعدم تمكينهم من سماع أسباب طلب النيابة استمرار حبس المتهمين أو سماع طلبات أو شكاوى المتهمين أنفسهم. 

وفي يوم الأحد 25 فبراير، أبلغت غرفة المشورة المنعقدة بالدائرة الثالثة إرهاب، المحامين الحاضرين بأن جلسات النظر في أمر الحبس الاحتياطي ستكون بحضور محاميين اثنين فقط عن كل المحبوسين احتياطيًا بكل "سجن "على حدة، بدعوى أن عدد المتهمين ومحاميهم كبير، وهو الأمر الذي اعترض عليه المحامون الحاضرون لكونه يخل بحق الدفاع، وجاء رد غرفة المشورة على اعتراض المحامين، بأنه في حال استمر رفضهم سيتم تأجيل نظر أمر حبس المتهمين لمدة شهر، من دون أن تأخذ في اعتبارها نص المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية والتي بمقتضاها يصبح الإفراج وجوبيًّا حال انقضاء مدة الحبس السابقة من دون قرار قضائي بتجديد الحبس.

بدأت الدائرة الثالثة بنظر أمر حبس جميع المتهمين المحبوسين بمركز الإصلاح والتأهيل رقم 6 بالعاشر من رمضان دفعة واحدة، بحضور اثنين من المحامين، بينما لم يتمكن محامي المبادرة في ذلك اليوم من الحضور مع 10 موكلين، ولم يتم تمكينه من إثبات حضوره بدعوى أن غرفة المشورة قد أنهت اتصالها "بالسجن"، بعد إصدارها قرارًا بتمديد حبس كافة المتهمين المحتجزين به لمدة 45 يومًا إضافية. ولم تأخذ غرفة المشورة برئاسة المستشار وجدي عبد المنعم في اعتبارها أن القرار الصادر جاء مخالفًا لنص المادة 136 من قانون الإجراءات الجنائية، والتي تلزم القضاة بإصدار أمر الحبس بعد سماع أقوال النيابة ودفاع المتهم، وبعد بيان الجريمة المسندة إلى المتهم والعقوبة المقررة لها، والأسباب التي بُني عليها أمر الحبس الاحتياطي.

بنهاية يوم الأحد 25 فبراير، أمرت الدائرة الثالثة إرهاب بتمديد حبس 526 متهمًا من بينهم المتحدث الرسمي السابق لحركة شباب 6 أبريل - الجبهة الديمقراطية شريف الروبي، لاتهامه بالانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار وبيانات كاذبة على ذمة القضية 1634 لسنة 2022. وفي اليوم نفسه جددت الدائرة الثالثة - بمخالفة القانون- حبس عددٍ من المتهمين الذين تخطوا الحد القانوني الأقصى للحبس الاحتياطي، من دون مواجهتهم بأدلة حقيقية أو إحالتهم للمحاكمة، مثل عبد الباقي سعيد عبده ، نور فايز ابراهيم جرجس على ذمة القضية 2993 لسنة 2021، على خلفية اتهامهما بازدراء الأديان. إلى جانب إيهاب مسعود إبراهيم، ووائل أحمد علي ، ومحمد عبد الحميد غنيم، أحمد محمد أحمد أبو دنيا، على ذمة القضية 1358 لسنة 2019، وأخيرًا جددت الدائرة الثالثة الحبس الاحتياطي لكل من محمود حسين ياسين شعبان ، السيد ابراهيم صالح والمحبوسين منذ ما يقرب من 4 سنوات على ذمة القضية 970 لسنة 2020. 

لم يختلف الوضع كثيرًا يوم 26 فبراير، ورغم أن الدائرة الثالثة إرهاب لم تمنع المحامين هذه المرة من الحضور مع موكليهم، بسبب قلة أعداد المتهمين المعروضين على غرفة المشورة نسبيًا- وصل عددهم إلى 241 متهمًا-، إلا أن الدائرة منعت المحامين من أداء عملهم، إذ أصر رئيس الدائرة على أن يكون تواجد المحامين مكملًا للشكل القانوني ليس إلا، على أن تقتصر طلباتهم على إخلاء سبيل المتهمين، من دون التطرق إلى وجود عوار في الإجراءات. أما في حالات المتهمين الذين لم يحضر معهم محامين، فلم يتم انتداب محامين لهم، ولم يتم السماح لهم بالحديث وتم قطع الاتصال عنهم.

ظلت أعداد المتهمين قليلة نسبيًا في جلستي يوم 27 و 28 فبراير بواقع 386 و363 متهمًا عن كل يوم، ورغم ذلك تم التجديد "ورقيًا" لعدد من المتهمين الذين لم يحضر عنهم محامين. واكتفت الدائرة بعرض المتهمين في سجون العاشر 6 والعاشر 2 وبدر 1 بشكل سريع مع منعهم من الكلام، وعدم تمكين أي من المحامين الحاضرين من إبداء دفوعهم والاكتفاء بإثبات حضورهم في السجلات فقط. 

وانتهت آخر جلسات الدائرة الثالثة إرهاب بنظر أمر حبس المتهمين في شهر فبراير برفع الجلسة بدون إصدار قرار إخلاء سبيل واحد، بينما أبلغ سكرتير النيابة المحامين الموجودين بتأجيل نظر أمر حبس المتهمين الذين لم يصدر قرار بشأنهم في كافة السجون والأقسام المتبقية، من دون إبداء أي أسباب.

لم يشهد العام القضائي الحالي، والذي بدأ في أكتوبر 2023، إخلاء سبيل أي من المتهمين المعروضين على غرف المشورة المنعقدة بدوائر الإرهاب ببدر عن طريق "الفيديو كونفرنس". ليستمر حبس آلاف المتهمين، بدون النظر بشكل حقيقي في أمرهم، وبالتالي؛ غياب الأمل في إمكانية إصدار المحكمة قرارات بإخلاء السبيل، بعدما تحولت جلسات النظر في أمر الحبس إلى جلسات تجديد "وجوبي".

تكرر المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مطالبتها للنائب العام المستشار محمد شوقي بإصدار قرار سريع لإخلاء سبيل كافة المحبوسين احتياطيًّا ممن تخطوا الحد الأقصى لمدة الحبس الاحتياطي المقررة قانونًا، وتؤكد على أنه رغم إيجابية بيان النيابة العامة حول الإفراج عن 60 مواطنًا مطلع الشهر الجاري في إطار "المراجعة الدورية" لموقف جميع المحبوسين احتياطيًا، إلا أن هذا العدد يظل غير كافٍ في ظل الوضع القائم خاصة في دوائر الإرهاب.

وتهيب المبادرة المصرية مجددًا بدوائر النظر في تجديد الحبس بالالتزام بالقانون واحترامه، وأخذ مصالح المحبوسين احتياطيًّا في الاعتبار، والالتزام بمباشرة جلسات النظر في أوامر الحبس بشكل حقيقي، بما يكفل حق الدفاع والتواصل والاطلاع، وفي حال كان (الفيديو كونفرنس) عقبة أمام تحقيق العدالة، فلا يوجد قانون يمنع القضاة من مباشرة الجلسات في حضور المتهمين مباشرة.