رسالة إلى رئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب

بيان صحفي

30 مارس 2006

السيد النائب الدكتور حمدي السيد
رئيس لجنة الشئون الصحية والسكانية

مجلس الشعب
القاهرة
 
الموضوع: اجتماع لجنة الشئون الصحية لمناقشة قضية الإيدز في السجون

سيادة النائب أ.د/حمدي السيد
 
تحية طيبة وبعد؛

نكتب لسيادتكم من برنامج الصحة وحقوق الإنسان بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية في سياق ما نشرته بعض الصحف عن مطالبة لجنة الصحة بمجلس الشعب في اجتماعها يوم 15 مارس الماضي بإصدار تشريع يلزم المسجونين بإجراء فحص إجباري عليهم حول إصابتهم بفيروس أو مرض الإيدز قبل دخولهم السجن. إن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تؤكد مجدداً علي أن احترام مبادئ حقوق الإنسان وتوفير الرعاية الصحية للمساجين هو أساس التصدي الفعال لانتشار مرض الإيدز داخل السجون. كما تناشد المبادرة نواب مجلس الشعب توجيه جهودهم للمطالبة بتوفير خدمات الوقاية والعلاج للمساجين بدلا من السعي لإصدار تشريعات تنتهك حقوقهم دون مبرر.

وكانت صحيفة الأهرام قد أشارت في عددها الصادر في يوم 16 مارس إلى أن أعضاء لجنتكم الموقرة قد طالبوا بالكشف الإجباري على جميع السجناء للتأكد من خلوهم من الفيروس حماية لباقي السجناء. كما ورد في صحيفة الأسبوع الصادرة في 20 مارس أن أحد النواب قد اقترح تخصيص عنابر في السجن لعزل المحكوم عليهم في قضايا المخدرات والدعارة والآداب. وذكرت صحيفة الفجر في 27 مارس أن خطوات فعلية قد اتخذت لفحص نزلاء سجن بورسعيد، بعد أن توفي أحد نزلائه نتيجة للمرض، وأن الكشف قد أسفر عن أن بعض النزلاء يحملون الفيروس HIV المسبب لمرض الإيدز.

ولقد سبق وأن أصدر برنامج الصحة وحقوق الإنسان بالمبادرة المصرية بياناً في يوم 26 يناير الماضي حول نفس الموضوع، جاء فيه أن معظم دول العالم التي دأبت علي القيام بالفحص الإجباري لفيروس ومرض الإيدز و/أو عزل المساجين المصابين به في الثمانينات من القرن العشرين قد تخلت عن هذا الإجراء ليس فقط لتكلفته العالية ولكن أيضاً لعدم فاعليته في التصدي للمرض وعدم وجود أي اعتبارات تبرره من منظور الصحة العامة نظراً لأن الفيروس لا ينتقل بالتلامس أو المخالطة العادية حتى وإن كانت لفترات طويلة وإنما ينتقل فقط عن طريق نقل الدم أو الحقن الملوث أو الممارسات الجنسية غير الآمنة. كما أن كلاً من منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة المشترك للإيدز يوصيان بضرورة الامتناع عن إخضاع السجناء للفحص الإجباري، وعدم اللجوء للعزل غير المبرر لحاملي الفيروس.

كما أن إخضاع السجناء للفحص الإجباري وغياب ضمانات للحفاظ على سرية نتيجة الكشف قد تؤدي إلى وصم السجين الذي يُكشف عن إصابته وقد يتعرض للعنف أو إساءة المعاملة داخل السجن سواء على يد النزلاء الآخرين أو على يد إدارة السجن. وبذلك يصبح السجين المصاب أمام خيارين أحلاهما مر: إما العزل وإما تحمل الوصم والتمييز والعنف.

إننا ندرك أن المحتجزين في السجون يعدون من الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالإيدز وأن انتشار الإيدز داخل السجون قد يكون أعلي منه في المجتمع الخارجي في معظم البلاد. ويفاقم من حدة هذا الانتشار الظروف المعيشية القاسية مثل الازدحام الشديد ونقص الرعاية الطبية وتجاوزات الحراس وعنف السجناء ضد بعضهم البعض. ومن المعلوم أيضا أن أسباب وطرق نقل العدوى داخل السجون موجودة وقائمة، و إنكار هذه الحقائق أو اللجوء إلي إجراءات قسرية ضد المصابين إنما يعوق مكافحة المرض كما أثبتت التجارب في العالم.

إن التصدي الفعال للمرض يكون عن طريق التزام سلطات السجن بأن تتخذ كافة الإجراءات المتعارف عليها دولياً لمكافحة المرض، مثل توفير المعلومات للسجناء عن كيفية الحماية من العدوى، وإتاحة كافة وسائل الوقاية وخدمات الاختبار الطوعي والاستشارة لهم، وضمان السرية، وحماية المساجين من كافة أنواع العنف الجسدي والجنسي الذي قد يتعرضون له من بعض المساجين الخطرين سواء كانوا مصابين بالإيدز أم لا.

أما التوجه الذي يفضل عقاب السجناء علي تأهيلهم، ويري أن المحكومين يستحقون مصيرهم، ويستهين بانتهاك حقوقهم فلا يؤدي إلا إلي الفشل في مواجهة المرض. المسجونون هم جزء من المجتمع وحياتهم متصلة بحياة الأفراد من خارج السجن والغالبية العظمي منهم يعودون في النهاية إلي المجتمع الخارجي بما يحملونه من أمراض أو من حالة صحية متدهورة وحمايتهم هي حماية للمجتمع ككل. 
 
سيادة النائب،
 
لكل هذه الاعتبارات فإننا نطالب سيادتكم ولجنتكم الموقرة:
-       بالتأكد من وضع هذه المعلومات في الاعتبار لدى مناقشة هذه القضية الهامة،

-   والحصول على معلومات كافية بشأن واقعة إخضاع نزلاء سجن بورسعيد للكشف داخل السجن الأسبوع الماضي، واستقصاء مصير النزلاء الذين ثبت حملهم للفيروس للتأكد من عدم تعرضهم للعزل أو لأية إجراءات تعسفية أخرى على يد الإدارة أو باقي النزلاء، ومن أنهم يحصلون على الرعاية الصحية والعلاج اللازمين،

-   وعقد جلسات استماع بحضور خبراء الصحة العامة والمجتمع المدني ووكالات الأمم المتحدة بشأن استجابة الحكومة المصرية لقضية الإيدز وإجراءات الوقاية والرعاية المطبقة، لاسيما وأن الأمم المتحدة تستعد لعقد اجتماع رفيع المستوى في أواخر شهر مايو القادم لمراجعة تنفيذ الدول الأعضاء لإعلان الالتزام الصادر عن الجلسة الخاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن فيروس ومرض الإيدز في عام 2001.  

وسوف يسعدنا التعاون معكم في المستقبل وتقديم المشورة بأي صورة ترونها. شاكرين لكم اهتمامكم بهذا الموضوع وموافاتنا بتطوراته.
 
                                                   مع خالص التحية والتقدير؛
                                                                                         د. راجية الجرزاوي
 
                                                                   مدير برنامج الصحة وحقوق الإنسان
                                                                               المبادرة المصرية للحقوق الشخصية