في إطار المناخ التشريعي الملتبس المصاحب للنظم السلطوية، قامت الدولة المصرية بالتشجيع على تسليع الأرض والعقار من خلال تشكيلة من السياسات التي حررت السوق، فرفعت الأسعار في بعض الأماكن حتى 16 ضعفًا على مدار العقد الماضي وحده. وكانت محصلة التسليع بقيادة الدولة، بالتوازي مع الحيازة غير الرسمية التي يلجأ إليها معظم المصريين، هي تعرض مجتمعات عديدة للاستغلال على يد هيئات حكومية وشبه حكومية تدعي لنفسها ملكية الأرض.

أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم ورقة بعنوان "تحرير سوق العقار والحيازة غير الرسمية: خطر يهدد الملايين" وتسعى هذه الورقة، من خلال ثلاث دعاوى قضائية مختلفة رفعتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية خلال الأعوام الأربعة الماضية، إلى البرهنة على وجود نمط من الارتباط الإيجابي بين التسليع بقيادة الدولة وبين الحيازة غير الرسمية.

تستعرض دراسات الحالة لجوء الجهات الرسمية إلى أساليب الطرد والإخلاء المباشر، مثل أوامر الإخلاء، وقرارات المصادرة، وتزوير العقود. كما تمت الاستعانة بأساليب غير مباشرة وغير رسمية للإخلاء القسري، مثل قطع الكهرباء والمياه، إضافة إلى تخويف بعض الشاغلين وتعذيبهم.

والحالات الثلاث, رملة بولاق- مثلث المنتزه- مستعمرة المحلة, والتي تتضمنها هذه الدراسة جميعًا، تمثل حيازات كانت في أولها رسمية وقانونية، لكنها تعتبر الآن غير رسمية، وهو النمط الأخطر بين نمطي الحيازة غير الرسمية لأنه يظهر مدى سهولة إهدار الحقوق التي يفترض أن الدولة تحميها دون استثناء. كما تبين الورقة أيضًا أن العديد من حالات الإخلاء القسري تمت، أو تم الشروع فيها، لدوافع تبدو في الظاهر اجتماعية، من قبيل "تطوير المناطق غير الآمنة"، و"المصلحة العامة"، أو بمجرد وصم الشاغلين بأنهم "مغتصبون" أو "واضعو يد".

وتنتهى الورقة بمجموعة توصيات رئيسية تندرج تحت عنوانين عريضين هما أن تضع الدولة برنامجًا قومياً للحيازة الآمنة من ناحية و إرساء الدولة مبادئ الوظيفة الاجتماعية للأرض والعقار وضبط سوق العقارات وتقليص أنشطة المضاربة على الأراضي من ناحية اخرى.