تتداخل حقوق الملكية الفكرية في كثير من الجوانب ذات الصلة بالتنمية؛ مثل الصحة، والتعليم، والزراعة، والبيئة، من بين أمور أخرى. وجدير بالذكر أن حقوق الملكية الفكرية هي امتيازات تمنحها الحكومات للمبتكرين أو للمخترعين بهدف مكافأتهم، وذلك في أطار التحفيز والتشجيع على الابتكار والاختراع لصالح المجتمع. وضمن هذه الامتيازات حماية براءات الاختراع، عن طريق السماح لصاحب الابتكار أو الاختراع، باستبعاد الآخرين من صناعة، أو استخدام، أو استيراد، أو تصدير ذلك الابتكار أو الاختراع.

وفي إطار المجال الصيدلي، تسمح تلك الامتيازات للمبتكر أو للمخترع باستبعاد الآخرين حتى من إنتاج الأدوية المثيلة (الأدوية الجنيسة) للمستحضرات صاحبة براءات الاختراع، طوال فترة حمايتها. والأدوية المثيلة هي التي تتطابق مع الأدوية الأصلية المحمية، من حيث الفعالية، لكن أسعارها تكون منخفضة نسبيًّا مقارنةً بأسعار الأدوية المحمية مرتفعة الثمن، مما يجعل الحصول على الأدوية الجنيسة مُتاحًا للمواطنين، على عكس الأدوية الأصلية صاحبة براءة الاختراع.

وتعتبر اتفاقية التريبس (اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية) التي اعتمدتها الدول الأعضاء لمنظمة التجارة العالمية في 1994، من أهم الاتفاقات الدولية المعنية بتعزيز وحماية حقوق الملكية الفكرية. ونظرًا لما قد يؤدي إليه هذا التعزيز من تأثير سلبي على المجتمع، على نحو ما ذكرنا، فقد نجحت الدول النامية أثناء مفاوضات الاتفاقية، في إدخال بعض المرونات المختلفة على الاتفاقية، تعطي في الأساس الحقَّ للحكومات (خصوصًا حكومات الدول النامية والأقل نموًا) في الحيد عن تفعيل هذه الحقوق، في حالات معينة، محددة في الاتفاقية. وفي 2001 أصدرت الدول الأعضاء بمنظمة التجارة العالمية، "إعلان الدوحة" عن اتفاقية التريبس والصحة العامة، ذلك الإعلان الذي أكد على أن تطبيق اتفاقية التريبس لابد وأن يتوافق مع اعتبارات الصحة العامة، وخصوصًا مع إتاحة الحصول على الأدوية، كما أكد الإعلان أيضًا على التزام الدول الأعضاء بأهداف التنمية المستدامة.

ونظرًا إلى أن المنظمة العالمية للملكية الفكرية الـ(ويبو)، هي المنظمة الدولية المفوضة منذ تأسيسها عام 1967، بتعزيز حماية الملكية الفكرية عبر العالم، من خلال التعاون بين الدول وسائر المنظمات الدولية، تدور أعمالها في إطار "اتفاقية التريبس"، وعددٍ محدودٍ من الاتفاقيات الدولية الأخرى. وهي كمنظمة مكونة من الدول الأعضاء وتابعة للأمم المتحدة؛ لها أيضًا صلاحيات أن تعتمد مبادئ وقواعد جديدة لتنظيم أمور الملكية الفكرية على المستوى الدولي. وبالتالي تلعب هذه المنظمة دورًا حيويًا في تحديد الأطر القانونية المتعلقة بأمور الملكية الفكرية دوليًا؛ مما قد يؤثر بالإيجاب أو بالسلب على عدد من المجالات ذات الصلة بالتنمية، مثل الصحة، والتعليم، والزراعة، والبيئة.

وبصفة عامة تدور مناقشات ومفاوضات الدول في الـ(ويبو) بين جبهتين: الجبهة الأولى منهما، تدعو إلى تعزيز حقوق الملكية الفكرية، بزعم تحفيز ومكافأة الإبداع. وهي الجبهة التي تشكلها مجموعة من أغلبيةً الدول المتقدمة (تُعرف باسم "المجموعة ب")، وتضم دول الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، واليابان وغيرها. أما الجبهة الثانية، فتدعو إلى تبني توجه تنموي، يحدّ من حقوق الملكية الفكرية؛ لجعل الاستفادة من التقدم العلمي والإبداع في متناول الجميع، وبما لا يتناقض مع الاحتياجات والأهداف التنموية للدول. وتضم هذه المجموعة البرازيل، والهند، ومصر، وغيرها من الدول النامية. وهو الموقف الذي أكدت عليه "اتفاقية التريبس" في ديباجتها، حيث حثت على ضرورة خدمة حقوق الملكية الفكرية للعامة، وخصوصًا لـ"لأهداف الإنمائية والتكنولوجية".

أجندة التنمية

في 2007 ونتيجة لجهود مكثفة من جانب الدول النامية؛ اعتمدت الجمعية العامة للـ(ويبو) خمسًا وأربعين توصية، من شأنها توجيه عمل الـ (ويبو) بحيث يراعي الاحتياجات والأهداف التنموية للدول الأعضاءً[1]. وتعتبر هذه التوصيات هي البنية الأساسية لما أُطلق عليه جدول أعمال الـ(ويبو) بشأن التنمية، أي (أجندة التنمية). وتهدف أجندة التنمية "إلى ضمان الأخذ بالاعتبارات الإنمائية كجزء لا يتجزأ من عمل الويبو. وبالتالي بدلاً من أن تكون الـ(ويبو) منتدى تنحصر أعماله في تعزيز وتكثيف حقوق الملكية الفكرية فحسب، ألقت أجندة التنمية على عاتق الـ (ويبو) عبء مسئولية مراعاة الصالح العام للمجتمع، عند التعامل مع شئون الملكية الفكرية.

وتنص التوصيات التي اعتمدتها الجمعية العامة للـ(ويبو) على أنه يجب على الـ(ويبو) أن "تأخذ بعين الاعتبار الأولويات والاحتياجات الخاصة بالبلدان النامية، والبلدان الأقل نموًّا، على وجه الخصوص، فضلاً عن مختلف مستويات التنمية المدركة في الدول الأعضاء". ولذلك يجب على الـ(ويبو) أن توجه مساعدتها التقنية للدول- في مجال الملكية الفكرية - نحو الاحتياجات التنموية لهذه الدول؛ لأن الهدف الأساسي من منح حقوق الملكية الفكرية هو تحفيز ومكافأة الإبداع من أجل الصالح العام، بحسب التوصيات. وبالتالي لا يجوز تفسير اتفاقيات الملكية الفكرية تفسيرًا قد يعرقل خطوات متخذة نحو التنمية في أية دولة[2].

ومن أهم هذه التوصيات أيضًا، حث الـ(ويبو) على "مراعاة جوانب المرونة في اتفاقيات الملكية الفكرية في جميع أنشطتها، وخاصةً فيما يتعلق بشئون الدول النامية والأقل نموًاً[3]، واتخاذ التدابير الملائمة لتمكين هذه الدول من فهم المرونات الواردة بهذه الاتفاقيات، والاستفادة منها بأكبر قدر ممكن[4]. وتعطي جوانب المرونة في اتفاقيات الملكية الفكرية للحكومات حرية التصرف في تطبيق بعضٍ من حقوق الملكية الفكرية، للسماح بتلبية احتياجات مواطنيها الملحة، مثل متطلبات الحفاظ على الصحة العامة[5].

وعلى سبيل المثال، نجحت حكومة تايلاند في 2007 في خفض التكلفة السنوية لدواء كالترا (Kaletra)- وهو دواء لعلاج فيروس نقص المناعة - من 2200 دولار إلى 1000 دولار للمريض الواحد[6]، باستخدامها "الترخيص الإجباري"، كمرونة من المرونات التي تسمح بها "اتفاقية التريبس". وبموجب الترخيص الإجباري، يُسمح للحكومات بمنح طرف ثالث تصريحات بإنتاج منتج يحميه حق من حقوق الملكية الفكرية، دون إذن من صاحب هذا الحق.  أي - فيما يتعلق بالأدوية - حق تصنيع دواء مثيل (دواء جنيس) لدواء أصلي لم تنته فترة حمايته بعد. ومن هذه الزاوية المهمة، فإن وضع أي قيود على استخدام هذه المرونات، أو الحد منها، من شأنه أن يعرقل إتاحة الدواء وجعله في متناول فئات واسعة من المجتمع، وهو ما يتعارض مع الهدف الرئيسي لحقوق الملكية الفكرية - ألا وهو "تعزيز الصالح العام".

ومن بين هذه التوصيات أيضًا أن تكون أنشطة الـ(ويبو) بشأن وضع القواعد والمعايير "الخاصة بتنظيم شئون الملكية الفكرية على المستوى الدولي داعمة للأهداف الإنمائية المتفق عليها في منظومة الأمم المتحدة، بما فيها الأهداف الواردة في إعلان الألفية (التوصية22). وتحتل الصحة العامة مكانة أساسية ضمن هذه الأهداف، حيث تشمل خفض معدل وفيات الأطفال (الهدف الرابع)، والنهوض بصحة المرأة (الهدف الخامس)، ومكافحة أمراض نقص المناعة والإيدز والملاريا، ضمن أمراض أخرى (الهدف السادس)، وإتاحة الحصول على الأدوية الأساسية في الدول النامية (الهدف الثامن، الغاية 8 هاء).

وتعتبر هذه التوصية السابقة غاية في الأهمية، ذلك لأن من شأن الـ(ويبو) أن تلعب دورًا إيجابيًا أو سلبيًا، في تحقيق هذه الأهداف، حيث إنها جميعًا تتداخل في تحقيقها أمورٌ متعلقة بشئون الملكية الفكرية، ومنها خصوصًا حماية الاختراعات الصيدلانية، وإتاحة الأدوية والخدمات الصحية للجميع.

وفي نفس الاجتماع التي اعتمدت فيه أجندة التنمية، أنشأت الجمعية العامة للـ(ويبو) اللجنة المعنية بالتنمية والملكية الفكرية (Committee on Development and Intellectual Property –CDIP) وفوّضتها في وضع برنامج عمل, لتنفيذ ورصد وتقييم ومناقشة توصيات أجندة التنمية[7]. وتتألف هذه اللجنة من جميع الدول الأعضاء في الـ(ويبو)، وتنعقد مرتين سنويًا، كما ترفع سنويًا تقاريرها، وتقدم توصياتها إلى الجمعية العامة للـ(ويبو).

 

الدورة الخامسة للّجنة المعنية بالتنمية والملكية الفكرية:

انطلاقة مجموعة جدول أعمال التنمية (الـ"داج")

خطوة إيجابية تجاه موازنة حقوق الملكية الفكرية لحساب اعتبارات الصالح العام

 

عقدت اللجنة المعنية بالتنمية والملكية الفكرية بالـ(ويبو) اجتماعها النصف السنوي الخامس، خلال الفترة من 26 إلى 30 أبريل 2010، بجينيف. وقد شهد هذا الاجتماع اتخاذ خطوة إيجابية نحو تعزيز وتطبيق أجندة التنمية. وتمثلت تلك الخطوة في انطلاقة "مجموعة جدول أعمال التنمية" الـ(داج). وهب المجموعة التي تشمل ثمانِ عشرة دولة؛ من بينها مصر، والجزائر، والهند، والبرازيل، وباكستان، وجنوب أفريقيا، أعلنت "التزامها تجاه تعميم البعد الإنمائي على جميع مجالات عمل الـ(ويبو)، (المبدأ الرابع).

وخلال هذا الاجتماع، قام مندوب الحكومة المصرية بإلقاء الكلمة الافتتاحية للإعلان عن انطلاقة المجموعة، نيابةً عن باقي الأعضاء، مؤكدًا على أن مجموعة الـ(داج) تهدف إلى "إدماج البعد الإنمائي في جميع أنحاء عمل الـ(ويبو)"[8]؛ وبالتالي تحث مجموعة الـ(داج) على الأخذ بعين الاعتبار شئون واحتياجات التنمية في كافة مجالات عمل الـ(ويبو)، بما في ذلك القرارات والتوصيات التي تعتمدها. وفي هذا الصدد أصدرت مجموعة جدول الأعمال، وثيقة بعنوان "ورقة المبادئ التوجيهية لمجموعة جدول أعمال التنمية"، واعتمدتها الـ(ويبو) كوثيقة رسمية للدورة الخامسة للجنة المعنية بالتنمية والملكية الفكرية.

وقد أكدت هذه الوثيقة على "الحاجة لبحث السبل والوسائل الكفيلة لتمكين الملكية الفكرية من تحقيق كامل إسهامها، والارتقاء لأداء مهمتها الإنمائية في البلدان النامية، والبلدان الأقل نموًا. ويشمل ذلك الحاجة إلى ضمان إسهام مختلف عناصر الملكية الفكرية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز القدرات التنافسية للنمو. وبإقرار الصلة والتفاعل بين الملكية الفكرية والتنمية، ينبغي للـ(ويبو) أن تساهم في التصدي للتحديات الإنمائية المعنية، وللتحديات العالمية؛ مثل البيئة، والصحة العامة، والأمن الغذائي" (المبدأ الخامس).

كما أشادت المجموعة بجدول أعمال التنمية معتبرة إياه "منعطفًا مهمًا في تحقيق تطلع البلدان النامية عبر التاريخ، إلى تحول في المنظور الدولي للملكية الفكرية" (المبدأ الأول)، مؤكدةً أن "التحدي الكبير الآن هو تعميم تلك التوصيات وتنفيذها". كما أوضحت ورقة المبادئ أن النجاح في هذا التحدي "يقتضي اعتماد منهج متواصل ومتعدد الجوانب في التصدي لأنشطة الـ(ويبو) المتنوعة، ويتطلب قيادة استباقية والتزامًا متواصلاً، ومشاركة وإشرافًا من الدول الأعضاء، وإطلاقَ تحولٍ ثقافيٍّ دائمٍ، وداعمٍ للتنمية على صعيد أمانة الـ(ويبو)" (المبدأ الثالث).

 

اعتماد آليات التنسيق وأساليب الرصد والتقييم

كانت مناقشة ماهية آليات التنسيق، وأساليب رصد وتقييم تنفيذ جدول أعمال التنمية المبنية على التوصيات الخمس والأربعون، من أهم بنود جدول الأعمال في الاجتماع الخامس للجنة المعنية بالتنمية والملكية الفكرية. وقد استغرقت المناقشات حول هذا البند ساعات طويلة، واتسمت بالتوتر بين مجموعة الـ(داج) وبين المجموعة "ب". وذلك لشدة حرص مجموعة الدول النامية على تفعيل وتنفيذ جدول أعمال التنمية، وتفنيد استمرار مقاومة الدول المتقدمة له.

ومن ضمن أوجه الاختلاف بين الجبهتين، كان اقتراح مجموعة الـ(داج) لعقد دورات خاصة للتنسيق، ورصد وتقييم تنفيذ جدول أعمال التنمية، وحثها على ضرورة خضوع اللجنة المعنية بالتنمية والملكية الفكرية "لمراجعة دورية كل سنتين، تقوم بها مجموعة من الخبراء المستقلين" في مجال التنمية والملكية الفكرية، يتم ترشيحهم من قِبل الدول الأعضاء[9]. وقد واجهت مثل هذه الاقتراحات اعتراضات من الدول المتقدمة، مؤكدةً اعتراضها على تبني آليات من شأنها زيادة التكلفة على الـ(ويبو)، أو على الدول الأعضاء، واقترحت في هذا الصدد، خضوع اللجنة لمراجعة واحدة في 2015 كتعديل لاقتراح مجموعة الـ(داج).

وأخيرًا توصلت مناقشات الدول الأعضاء إلى تبني عدد من مبادئ آليات التنسيق، التي اعتمدتها الجمعية العامة للـ(ويبو) في اجتماعها السنوي في سبتمبر 2010. حيث وافقت الجمعية العامة للـ(ويبو) على إجراء مراجعة لفترة 2012-2013 ترصد وتقيم تطبيق توصيات جدول أعمال التنمية، يقوم بها خبراء مستقلون. وذلك مع مراعاة إمكانية طلب مراجعة إضافية عند النظر في نتائج المراجعة. كما تم الاتفاق على إضافة بند دائم على جدول أعمال اللجنة، لرصد وتقييم ومناقشة تنفيذ جميع توصيات جدول أعمال التنمية، تحت مسمى "آليات التنسيق". كما حثت الجمعية العامة الهيئات المعنية في الـ(ويبو) على أن تشمل تقاريرها السنوية المرفوعة إلى الجمعية العامة، العملَ الذي قامت به من أجل تنفيذ توصيات جدول أعمال التنمية[10].

الدورة الخامسة عشرة  للجنة الدائمة المعنية بقانون البراءات– أكتوبر 2010:

اعتماد برنامج عمل "متوازنٍ" من منظور تنموي

اجتمعت اللجنة الدائمة المعنية بقانون البراءات (Standing Committee on the Law of Patents -SCP) في أكتوبر 2010. وكان هذا أول اجتماع تعقده لجنة من لجان الــ(ويبو)، بعد اعتماد الجمعية العامة لـ"آليات التنسيق". وفي كلمتها الافتتاحية اقترحت مجموعة الـ(داج) تخصيص بندٍ على جدول أعمال اللجنة، لمناقشة هذا الموضوع، والعمل على التقرير بشأنه[11]. ويذكر أن المجموعة "ب"، كانت قد اعترضت على هذا الاقتراح[12]، إلا أنه أخيرًا، تم الاتفاق على إضافة ذلك البند على جدول أعمال اجتماع اللجنة القادم في مايو 2011[13]. ولم يتم الاتفاق بعد على الشكل الذي سوف تتخذه مناقشات هذا البند داخل اللجنة.

وبالرغم من ذلك، شهد اجتماع اللجنة الدائمة المعنية بقانون البراءات، تطورًا إيجابيًا فيما يتعلق بجعل عمل اللجان المختلفة لدى الـ(ويبو) متناسقًا، وأكثر تلبية لاحتياجات الدول التنموية. حيث اتفقت اللجنة، ولأول مرة منذ خمس سنوات، على برنامج عمل لها[14]، يتكون من خمسة محاور، هي:

أ- تقييدات واستثناءات قانون براءات الاختراع. كانت البرازيل قد قدمت مُقترحًا عن هذه القضية بدعم من مجموعة الـ(داج)، وكذلك قدمت سكرتارية اللجنة الدائمة المعنية بقانون البراءات دراسة من مجموعة من الخبراء في هذا المجال.

ب- نوعية براءات الاختراع وسبل الطعن عليها. وهو مُقترح مقدّم من المجموعة "ب".

ج- تأثير براءات الاختراع على الصحة. وهو مُقترح مقدّم من المجموعة الأفريقية.

د- سرية التعامل بين مستشاري براءات الاختراع وأصحاب الطلبات. مقدّم بدعمٍ من المجموعة "ب".

هـ- نقل التكنولوجيا. وهي قضية بالغة الأهمية للدول النامية[15].

وقد رحبت الدول النامية بهذا التطور الحاصل في الـ(ويبو)، حيث أعرب أحد مندوبي الدول النامية عن سروره ببرنامج العمل الذي تبنته اللجنة، مؤكدًا أن البرنامج "لا ينحصر حول البراءات وأصحاب الحقوق فحسب، ولكنه متوازن تمامًا"[16]. ويُذكَر أن مناقشات اللجنة حول قضية نقل التكنولوجيا، كانت قد وصفت بـ"التوتر"، حيث رفضت بشدة دول المجموعة "ب"، ضم هذه القضية إلى برنامج عمل اللجنة[17]؛ معللة ذلك بأن المناقشات حول هذه القضية، سوف تثقل جدول أعمال اللجنة[18]. ويعتبر نقل التكنولوجيا قضية محورية بالنسبة للدول النامية؛ نظرًا لأهميتها البالغة في عملية التنمية. وقد أعربت مصادر من الدول النامية، عن مخاوفها في أن يقتصر برنامج العمل حول هذه القضية على مجرد "المناقشة وتبادل الآراء فحسب"، مؤكدةً ضرورة العمل على إنتاج الأدلة التجريبية، وتحليل الخبراء، والمشورة، حول ما يجب القيام به لتشجيع نقل التكنولوجيا إلى الدول النامية[19].

 

الدورة السادسة  لّلجنة التنمية والملكية الفكرية–  نوفمبر 2010

اعتماد مشروع نقل التكنولوجيا، وانشقاق في اللجنة حول مختلف المواضيع

اجتمعت لجنة التنمية والملكية الفكرية في الفترة من 22 إلى 26 نوفمبر 2010 في مقر الـ(ويبو) بجينيف. وكان من أهم القضايا المدرجة على جدول أعمال اللجنة، مناقشة التفاصيل حول كيفية تنفيذ "آليات التنسيق" التي تم الاتفاق عليها في اجتماع اللجنة السابق. وقد طالبت مجموعة الـ"داج" في كلمتها الافتتاحية، التي ألقاها مندوب دولة البرازيل نيابةً عن المجموعة، أن يتم "ممارسة تحليل نوعي" حول تطبيق توصيات أجندة التنمية. وقد حثت كلمته على مناقشة مدى تأثير تلك التوصيات التي قد تم تطبيقها بالفعل، ومناقشة العقبات التي تعوق التطبيق الفعال للتوصيات في كل هيئات وأنشطة الـ(ويبو)، وأخيرًا مناقشة كيفية الأخذ بعين الاعتبار شئون واحتياجات التنمية، في وضع القواعد والمعايير الخاصة بتنظيم شئون الملكية الفكرية على المستوى الدولي[20].    

وقد شهدت المناقشات المتعلقة بآليات التنسيق انشقاقًا بين الدول الأعضاء، حيث رأت بعض الدول- على رأسها المجموعة الأفريقية ومجموعة الـ(داج)- أن نطاق تطبيق آليات التنسيق، يجب أن يغطي جميع لجان الـ(ويبو). في حين أن البعض الآخر من الدول- على رأسها دول المجموعة "ب"- رأت أن يقتصر تطبيق آليات التنسيق فقط على بضعة لجان مختارة، تتركز أعمالها أساسًا في القضايا المتعلقة بالتنمية[21]. وانتهى اجتماع اللجنة دون الوصول إلى أي اتفاق بين الدول، حول هذا الموضوع.

كما لم تتمكن الدول الأعضاء في اللجنة، من أن تتفق على اعتماد الأغلبية العظمى من المواضيع الأخرى، المتعلقة بقضايا التنمية. ومن ضمن تلك المواضيع: مشروع بشأن البراءات والمِلك العام[22]، وورقة مناقشة بشأن الملكية الفكرية والاقتصاد غير الرسمي[23]، وبرنامج العمل المقبل بشأن مواطن المرونة في نظام الملكية الفكرية[24]، وغيرها.

ولكن اللجنة بالرغم من ذلك، اعتمدت مشروعًا حول الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا؛ مما يعتبر خطوة إيجابية نحو جعل عمل الـ(ويبو) متناسقًا، وأكثر تلبية لاحتياجات الدول التنموية، وخصوصًا بالنظر إلى أهمية مثل هذا الموضوع للدول النامية. ولكن يذكر أنه بعد فشل الدول الأعضاء في التوصل إلى اتفاق حول هذا المشروع في اجتماع اللجنة السابق، عدلت السكرتارية من النص الأصلي للمشروع لتجمع الملاحظات التي أثيرت أثناء مناقشة المشروع في الجلسة السابقة، كما "جمعت كل العناصر غير المثيرة للجدل" في مسودة جديدة للمشروع، قدمتها إلى الدول الأعضاء في بدء اجتماع اللجنة في نوفمبر 2010.[25]. وقد تم تعديل هذه المسودة أيضًا،ً وفقًا لمناقشات الدول في اجتماع اللجنة في نوفمبر حتى تم اعتماد المشروع في صورته النهائية.

ويتناول هذا المشروع أربع توصيات[26]، من أجندة التنمية، تركز في مجملها على نقل التكنولوجيا، والتعاون الدولي حول هذا الموضوع، ودور الدول المتقدمة تجاه الدول النامية، في تيسير إتاحة المعرفة لتعزيز الإبداع والبحث والتطوير. وتحث هذه التوصيات الأربع الدول المتقدمة على اعتماد سياسات ملكية فكرية، تدعم نقل ونشر التكنولوجيا والمعرفة، لصالح الدول النامية. ويتكون هذا المشروع من خمسة مراحل "بهدف التوصل إلى برنامج يعكس سياسة دولية جديدة لنقل التكنولوجيا وللتعاون في مجال الملكية الفكرية"[27].

وقد قدمت مصر مشروعًا حول تعزيز التعاون بين دول النامية، في مجال "التنمية والملكية الفكرية"، بهدف تبادل المعرفة والخبرات حول الاستخدام الاستراتيجي للملكية الفكرية؛ لصالح أهداف التنمية. ويركز هذا المشروع على التوصيات الواردة في أجندة التنمية التي تتعلق بـ"تعزيز المساعدات التقنية والقانونية، الموجهة نحو التنمية في مجال الملكية الفكرية (التوصية الأولى، التوصية 13)، وبناء القدرات المؤسسية في هذا المجال (التوصية 10)، وبناء قدرات الابتكار المحلية (التوصية 11)، وتيسير إتاحة الحصول على، ونشر، المعرفة والتكنولوجيا (التوصيتان 19 و25)، واستخدام مرونات الملكية الفكرية، وأخيرًا على فهم علاقة الملكية الفكرية بسياسات المنافسة (توصية 32)"[28].

كما قدمت البرازيل، نيابةً عن مجموعة الـ"داج" مقترحًا بإضافة بند جديد على جدول الأعمال حول الملكية الفكرية، والقضايا ذات الصلة بشئون التنمية. وتضم هذه الوثيقة اقتراحَ تقديم كبير اقتصاديي الـ(ويبو)، الأستاذ كارستن فينك، تقريرًا عن "اقتصاديات الملكية الفكرية" في اجتماع اللجنة القادم، واقتراحًا بعمل اللجنة على رصد مدى مساهمة الـ(ويبو) في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية للأمم المتحدة، وأن تتولى لجنة التنمية والملكية الفكرية تحضير "المؤتمر الدولي الرئيسي حول دمج البعد التنموي في وضع سياسات الملكية الفكرية"، المذكور في برنامج وميزانية الـ(ويبو) لعام 2010- 2011. ولم يتم الانتهاء من مناقشة مقترحيّ مصر والبرازيل، خلال اجتماع اللجنة في نوفمبر الماضي، حيث تأجل النظر فيهما إلى دورة اللجنة القادمة.

وهنا يجب مراعاة أن محاولة "إدماج البعد الإنمائي في كافة أعمال الـ(ويبو)" تحث عليه أجندة التنمية ومجوعة الـ(داج)، هو عملية طويلة المدى، خاصةً أن إدماج البعد الإنمائي في عمل الـ"ويبو"، يعتبر نوعًا من إدخال ثقافة جديدة على طبيعة عمل الـ(ويبو) ذاتها. وأيضًا، يجب الوعي بأن اعتماد مشاريع عملٍ، حول المواضيع ذات البعد التنموي قد يكون أو لا يكون في حد ذاته خطوة إيجابية في عملية إدماج البعد التنموي في عمل الـ(ويبو). ولذلك، يجب بدايةً تقييم مدى فاعلية إدماج هذا البعد، من خلال رصد وتقييم هذه المشاريع عند التطبيق، وهي عملية متجددة وطويلة المدى. وهذا ما يحث عليه مساندو أجندة التنمية في الـ(ويبو).

وستنعقد اللجنة الدائمة المعنية بقانون البراءات، في مايو 2011، كما ستنعقد لجنة التنمية والملكية الفكرية في الشهر نفسه، وكلاهما سيكونان في مقر الـ(ويبو) بجينيف. ومن المتوقع أن يستمر النقاش طويلاً، حول هذه المواضيع المهمة بالنسبة للدول النامية.

 



[1]  التقرير العام. جمعيات دول أعضاء الـ(ويبو). من 24 سبتمبر إلى 3 أكتوبر 2007. جينيف.WIPO. A/43/16 .

http://www.wipo.int/edocs/mdocs/govbody/en/a_43/a_43_16-main1.pdf

[2]  التوصية 1 من أجندة التنمية. http://www.wipo.int/ip-development/ar/agenda/recommendations.html

[3]  التوصية 17 من أجندة التنمية. http://www.wipo.int/ip-development/ar/agenda/recommendations.html

[4]  التوصية 25 من أجندة التنمية. http://www.wipo.int/ip-development/ar/agenda/recommendations.html

[5]  جدير بالذكر أن المقرر الخاص، المعني بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، أناند غروفر، كان قد أصدر تقريرًا في 2009 حول التأثير السلبي المحتمل لحقوق الملكية الفكرية، على إتاحة الأدوية، خاصةً في الدول النامية. (A/HRC/11/12). 31 مارس 2009. http://daccess-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/G09/127/09/PDF/G0912709.pdf?OpenElement

[6]  خطاب إلى محرر جريدة (Wall Street Journal)، من مدير إدارة شئون الإعلام في تايلاند. "التصريح الجبري لدواء في تايلاند". 16 مايو 2007. http://lists.essential.org/pipermail/ip-health/2007-May/011193.html

[7]  التقرير العام. جمعيات دول أعضاء الـ(ويبو). من 24 سبتمبر إلى 3 أكتوبر 2007. جينيف.WIPO. A/43/16 . فقرة 334.

http://www.wipo.int/edocs/mdocs/govbody/en/a_43/a_43_16-main1.pdf

http://www.wipo.int/edocs/mdocs/govbody/en/a_43/a_43_16-main1.pdf

[8]  كلمة مندوب جمهورية مصر العربية، بالنيابة عن مجموعة الـ"داج". منظمة الـ(ويبو). لجنة التنمية والملكية الفكرية. الدورة الخامسة. من 26 إلى 30 أبريل 2010، جنبف. http://www.ip-watch.org/weblog/wp-content/uploads/2010/04/Development-Agenda-Group.pdf

 [9] "لجنة الـ(ويبو) تعتمد آلية التنسيق لأجندة التنمية". المركز الدولي للتجارة والتنمية المستدامة (ICTSD) بجينيف، برنامج الملكية الفكرية. المجلد 14، عدد 16. 5 مايو 2010. 2010. http://ictsd.org/i/news/bridgesweekly/75186/

[10]  لجنة التنمية والملكية الفكرية، الـ(ويبو). الدورة الخامسة. من 30 إلى 26 أبريل 2010. ملخص رئيس الدورة. http://www.wipo.int/edocs/mdocs/mdocs/en/cdip_5/cdip_5_ref_summary_revised.pdf

[11]  http://www.ip-watch.org/weblog/wp-content/uploads/2010/10/DAG-Opening-St...

[12]  ويليام نيو وكايتلين مارا. "الـ(ويبو) ترجع إلى المحادثات الفنية، حول قوانين براءات الاختراع، وذلك بعد خمس سنوات، مع مراعاة التوازن". مراقبة الملكية الفكرية (Intellectual Property Watch). 16 أكتوبر 2010. http://www.ip-watch.org/weblog/2010/10/16/wipo-returns-to-substantive-patent-law-talks-after-5-years-with-balance

[13]  اللجنة الدائمة المعنية بقانون البراءات. الدورة الخامسة عشرة. من 11 إلى 15 أكتوبر 2010. ملخص رئيس الدورة. http://www.wipo.int/edocs/mdocs/scp/en/scp_15/scp_15_5.pdf

[14]  ويليام نيو وكايتلين مارا. "الـ(ويبو) ترجع إلى المحادثات الفنية حول قوانين براءات الاختراع، وذلك بعد خمس سنوات، مع مراعاة التوازن". مراقبة الملكية الفكرية (Intellectual Property Watch). 16 أكتوبر 2010. http://www.ip-watch.org/weblog/2010/10/16/wipo-returns-to-substantive-patent-law-talks-after-5-years-with-balance/

[15]  اللجنة الدائمة المعنية بقانون البراءات. الدورة الخامسة عشرة. من 11 إلى 15 أكتوبر 2010. ملخص رئيس الدورة. http://www.wipo.int/edocs/mdocs/scp/en/scp_15/scp_15_5.pdf

 [16] ويليام نيو وكايتلين مارا. "الـ(ويبو) ترجع إلى المحادثات الفنية حول قوانين براءات الاختراع، وذلك بعد خمس سنوات، مع مراعاة التوازن". مراقبة الملكية الفكرية (Intellectual Property Watch). مرجع سابق. http://www.ip-watch.org/weblog/2010/10/16/wipo-returns-to-substantive-patent-law-talks-after-5-years-with-balance/

[17]  "الـ(ويبو): اللجنة الدائمة المعنية بقانون البراءات تتفق على برنامج عمل، مواضيع جديدة على جدول الأعمال". شبكة العالم الثالث. 19 أكتوبر 2010. http://www.twnside.org.sg/title2/intellectual_property/info.service/2010/ipr.info.101007.htm

[18]   ويليام نيو وكايتلين مارا.مرجع سابق. http://www.ip-watch.org/weblog/2010/10/16/wipo-returns-to-substantive-patent-law-talks-after-5-years-with-balance/

[19]  ويليام نيو وكايتلين مارا. "الـ(ويبو)  مرجع سابق. http://www.ip-watch.org/weblog/2010/10/16/wipo-returns-to-substantive-patent-law-talks-after-5-years-with-balance/

 [20] الكلمة الافتتاحية لمجموعة الـ(داج). اجتماع لجنة التنمية والملكية الفكرية. نوفمبر 2010. جينيف.

http://www.ip-watch.org/weblog/wp-content/uploads/2010/11/CDIP-DAG-Statement-24-Nov.pdf

[21]  كاترين سايز. "خلاف ينشأ حول آلية التنسيق لأجندة التنمية بالـ(ويبو)". مراقبة الملكية الفكرية (Intellectual Property Watch). 25 نوفمبر 2010. http://www.ip-watch.org/weblog/2010/11/25/friction-arises-over-wipo-development-agenda-coordination/

[22]  مشروع بشأن البراءات والملك العام. 2 أكتوبر 2010.. CDIP/6/5. http://www.wipo.int/edocs/mdocs/mdocs/ar/cdip_6/cdip_6_5.pdf

[23]  ورقة مناقشة بشأن الملكية الفكرية والاقتصاد غير الرسمي. 15 سبتمبر 2010. CDIP/6/9. http://www.wipo.int/edocs/mdocs/mdocs/ar/cdip_6/cdip_6_9.pdf

[24] برنامج العمل المقبل بشأن مواطِن المرونة في نظام الملكية الفكرية. 9 أكتوبر 2010. CDIP/6/10. http://www.wipo.int/edocs/mdocs/mdocs/ar/cdip_6/cdip_6_10.pdf

[25]  كاترين سايز. "مشاكل حول آلية التنسيق لجدول أعمال التنمية بالـ(ويبو)؛ واعتماد مشروعات". 27 نوفمبر 2010.
http://www.ip-watch.org/weblog/2010/11/27/wipo-development-agenda-coordination-seizes-up-projects-approved/

[26]  التوصيات، أجندة التنمية 19، 25، 26، و28. http://www.wipo.int/ip-development/en/agenda/recommendations.html

" [27] مشروع بشأن الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا: التحديات المشتركة، وبناء الحلول" (التوصيات 19 و25 و26 و28). لجنة التنمية والملكية الفكرية. الـ(ويبو). الدورة السادسة. من 22 إلى 26 نوفمبر 2010.  http://www.wipo.int/edocs/mdocs/mdocs/ar/cdip_6/cdip_6_4.pdf

[28]  مشروع حول تعزيز التعاون بين الدول النامية في مجال "التنمية والملكية الفكرية". مقدم من مصر. نوفمبر 2010. http://www.ip-watch.org/weblog/wp-content/uploads/2010/11/CDIP-Project-for-Implementation-of-Recommendations-of-Dev-Agenda.pdf