http://www.banatkamla.net

بمناسبة اليوم الدولي لعدم التسامح مع ختان الإناث، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تؤكد محدودية جهود الدولة في مقاومة ختان الإناث وقصورها عن حماية ملايين النساء من هذه الجريمة

بيان صحفي

6 فبراير 2017

يأتي اليوم الدولي لعدم التسامح مع الختان هذا العام بعد أشهر قليلة من تعديل مادة قانون العقوبات الخاصة بختان الإناث، والتي أُقرت بموجب القانون رقم 78 لسنة 2016 والذي تم نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 26 سبتمبر 2016. اعتمدت التعديلات القانونية على تغليظ العقوبة الخاصة بختان الإناث لتصبح السجن من خمس إلى سبع سنوات وتزيد العقوبة إلى السجن المشدد إذا نتج عن الختان وفاة أو عاهة مستديمة، يأتي اليوم أيضًا بعد أقل من شهرين على صدور الحكم في قضية الختان الوحيدة التي كانت تنظر من قريب في المحاكم والخاصة بوفاة الطفلة "ميار علي موسى" من جراء إجراء عملية ختان لها على يد طبيبة، والصادر عن محكمة جنايات السويس في 20 ديسمبر 2016، وهو الحكم الذي عاقب الطبيبة المسئولة عن الختان وطبيب التخدير ووالدة الطفلة جميعًا حضوريًّا بالسجن لمدة عام واحد مع إيقاف التنفيذ، وتم عقاب الممرضة غيابيًّا بالسجن خمس سنوات.

يؤكد هذا الحكم التخوف المشروع لدى العديد من منظمات المجتمع المدني، والذي عبرت عنه مرارًا، بشأن عدم جدوى التجريم القانوني دون العمل على محاربة ظاهرة الختان مجتمعيًّا، فمادة تجريم الختان وحدها لم تؤدِ إلى حماية أكثر للفتيات أو إلى عقاب عادل للجناة المسئولين عن ارتكاب جريمة الختان حتى في حالة وفاة الفتيات. فرغم دقة الاتهامات الموجهة من النيابة في قضية "ميار موسى" - والتي تم اتهام الطبيبة من خلالها بإجراء ختان للطفلة وبإحداثها لجرح أفضى إلى موتها، والاتهامات التي تم توجيهها إلى الأم والممرضة وطبيب التخدير بالاشتراك عن طريق الاتفاق والمساعدة مع المتهمة الأولى بإحداث الجريمتين السابقيتن – فإن القاضي قرر استخدام المادة 17 من قانون العقوبات الخاصة بحق القاضي في استخدام الرأفة مع المتهمين وكذلك المادتين 55، و56 من قانون العقوبات والخاصتين بإيقاف تنفيذ العقوبة، ذلك أن القاضي رأي أن المتهمين لن يعودوا إلى مخالفة القانون.

و إن الاستمرار في تغليظ العقوبات والاهتمام شبه الحصري بالقانون دون ضمان قناعة القطاعات الأوسع بالمجتمع بضرورة تجريم هذه الممارسات سيؤدي إلى تواطؤ مجتمعي أكبر لحماية المتورطين في مثل هذه الجرائم ومساعدتهم على الإفلات من العقاب وبالتالي فشل القانون في لعب الدور الأساسي المنوط به وهو خلق الردع الكافي.

ومن المُلح في هذا المقام، التذكير بأن استمرار استشراء عمليات ختان الفتيات على هذا النحو الواسع كل عام يؤشر إلى فشل السياسات الرسمية في حماية حقوق هؤلاء الفتيات في الصحة والسلامة الجسدية وحقهن في عدم التعرض للعنف واتخاذ قرارات تخص أجسادهن، ويصل هذا الفشل في أحيان معينة إلى عدم القدرة على صون حق هؤلاء الفتيات في الحياة.

ورغم أن المجلس القومي للسكان أصدر عددًا من التوصيات لضمان إنفاذ القانون وعقاب الجناة المتورطين في عمليات الختان، فإن هذه التوصيات تظل قاصرة لأنها لم تتضمن برنامجًا تدريبيًّا لقطاعات الشرطة والنيابة والقضاء بخصوص الختان، كما أن التوصية الخاصة بطرق مبتكرة للإبلاغ لم تتضمن تشجيع الفتيات أنفسهن على الإبلاغ للاستفادة من التعديل القانوني الذي يضمن مد حق الإبلاغ عن جريمة الختان إلى عشر سنوات بعد وقوع الجريمة.

إن الاكتفاء الرسمي بالجانب القانوني والاعتماد في مقاومة الختان على خطابات التوعية الصحية والدينية في الإعلام وفقط، وإهمال الجانب الحقوقي الذي يسعى إلى تمكين الفتيات من ممارسة حقوقهن الدستورية ودعم جهود مجتمعية لمحاربة هذه الظاهرة على أرض الواقع، لا يمكن إلا اعتباره ببساطة تملصًا من المسئولية في حماية النساء.

وبمناسبة اليوم الدولي لعدم التسامح مع ختان الإناث تؤكد المبادرة المصرية أنه لا سبيل إلى مواجهة ختان الإناث دون الاعتماد على التعليم والمناقشة المجتمعية كأساس لتغيير آراء الناس وتوجهاتهم بشأن هذه الممارسة. فعلى سبيل المثال، يمكن إدخال درس في مناهج التعليم الإعدادية الخاصة بالعلوم عن ختان الإناث يصور حجم المشكلة وتفشيها، ويقوض المزاعم الداعية إلى استمرار هذه الممارسة، ومدعم بدراسات حالة توضح آثار الختان على النساء والفتيات مع التأكيد على حقهن في الصحة والسلامة الجسدية. كما تبرز الحاجة كذلك إلى تعديل الحملات القومية الموجهة للحد من هذه الظاهرة بشكل يضمن التوقف عن تقديم النساء والفتيات كضحايا لا حيلة لهن، ويبدأ في تقديمهن كفاعلين محوريين في التغيير المجتمعي. إن تصوير النساء كضحايا يزيد من شدة الوصم الاجتماعي المتعلق بالختان ولا يساعد النساء اللاتي تعرضن للختان على الحديث عما مررن به وبذلك تبقى أصوات النساء وتجاربهن في هذا الشأن غير مسموعة، كما يجب على الدولة عمل دراسات تمكنها من تمييز ومن ثم استهداف القطاعات الأكثر ميلًا إلى التخلي عن ممارسة الختان بدلًا من هدر الموارد في حملات تستهدف الفئات الخاطئة ولا تعود بمردود يذكر.

روابط ذات صلة: