المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تصدر ترجمة عربية لدراسة فيديريكو ماتياس روسي عن تجربة عمال اﻷرجنتين في إدارة المصانع

بيان صحفي

11 June 2014

"إدارة العمال الذاتية للمصانع بين تجربة الأرجنتين وتجربة مصر"

أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية النسخة العربية لدراسة بعنوان: "إدارة العمال الذاتية للمصانع: تجارب الأرجنتين وحركة استعادة المصانع"، تأليف فيديريكو ماتياس روسي (المحاضر بجامعة تالوني بالولايات المتحدة والمتخصص في الحركات الاجتماعية في أمريكا اللاتينية)، ترجمة وتقديم د. عمرو عادلي الباحث الاقتصادي بجامعة ستانفورد، والمدير اﻷسبق لوحدة العدالة الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة المصرية.

وترد الدراسة على التساؤلات الخاصة بماذا يفعل العمال عندما يغلق أصحاب الأعمال المصانع والشركات ويستغنون عن عمالها. وفي ضوء ذلك تبدو الدراسة وثيقة الصلة بما يحدث في مصر في عدد من المصانع والشركات، من حيث تمسك العمال باستمرار العمل وطرح أفكار وخطط لتشغيل المنشآت ذاتيًّا، حيث نجحت تجارب بعض العمال، مثل عمال المصابيح الكهربية وعمال مصنع قوطة.

ويشير عمرو عادلي في مقدمة الدراسة إلى أن تجارب إدارة العمال للمصانع في الأرجنتين مكنت العمال من منع إغلاق مصانع كانت عرضة للتصفية بغرض نهب أصولها وتسييلها، وأن الفكرة الرئيسية وراء استعادة المصانع هي: الإبقاء على تشغيل المصنع واستئناف الإنتاج، والتصدي لحالات الإفلاس المتعمد التي يجريها بعض المستثمرين بغية الاستيلاء على الأصول والتصفية. الأمر الذي تكرر مرارًا في مصر منذ عقد التسعينيات في صورة المصانع التي جرت خصخصتها وبيعها لمستثمرين محليين أو أجانب رغم أن قيمتها قد تكون أقل من سعرها الحقيقي، حيث أخذ في الاعتبار أنه تم تقييمها على اعتبار أنها ستواصل الإنتاج، ومع ذلك جرت تصفيتها والتخلص من أصولها.

وتطرح الدراسة أفكارًا ومسارات بديلة في مواجهة إصرار العديد من المسئولين الحكوميين في مصر على غياب البدائل، وهو موقف ينتج عنه إضرار بحقوق العمال، وحرمانهم من أجر يكفيهم وأسرهم ويوفر لهم الحياة الكريمة.

ولعل إعلان بعض المستثمرين عن نيتهم إغلاق شركاتهم عقب تصاعد مطالبة العمال بحقوقهم، يؤكد على أهمية النظر في مسألة الإدارة الذاتية للعمال. فعلى سبيل المثال هدد صاحب شركة السويس للنترات "سينكو"، وهو مستثمر سعودي، بإغلاق الشركة ردًّا علي إضراب عمالها الذي بدأ في 31 مايو 2014، وذلك بعد أن قام بفصل أعضاء النقابة المستقلة بالكامل ردًّا علي مطالبتهم بحقوق عمال الشركة.

وتقترح الدراسة أن يكون الرد في حالة إغلاق المصانع هو أن يرفع العمال شعار "سوف نقوم بتشغيل مصانعنا"، مع التأكيد على قدرة العمال على الإدارة وتحقيق مكاسب وأرباح. وهناك أدلة في الحالة المصرية على أن هذه الإجابة ليست خيالية، فعمال شركة المصابيح الكهربية نجحوا منذ عدة سنوات في تجربة إدارة المصنع بالتشغيل الذاتي رغم الصعوبات التي واجهوها من جهات متعددة، منها مؤسسات في الدولة، واستطاعوا أن يقوموا بتشغيل المصانع بعد أن كان رامي لكح، رجل الأعمال، قد أوقف عملها وفصلهم جميعًا، وهرب إلى خارج مصر عام 2002، بل وتمكن العمال عبر إدارتهم الناجحة من الحصول على أجورهم كاملة، وأيضًا تحقيق أرباح للمصنع.

وردًّا على معارضي فكرة قيام العمال بتشغيل المصانع، من منطلق أنها قد تؤدي إلى هروب الاستثمار ، قال عمرو عادلي: "إن نجاح تجربة الإدارة الذاتية للعمال في الأرجنتين، حيث تعدى عددُ المصانع التي تدار ذاتيًّا 205 مصنع، لم يتعارض مع أن تظل الأرجنتين جاذبة للاستثمارات الأجنبية، ويظل الاقتصاد الأرجنتيني من أكبر اقتصاديات أمريكا اللاتينية”.

وتقدم الحالة الأرجنتينية عرضًا للإبداعات الإدارية والاقتصادية، التي أقدم عليها العمال عند إدارتهم المصانع إدارة ذاتية، منها: توحيد مستويات العمل في المصانع بشغل العمال لمواقع الموظفين الإداريين من ذوي الياقات البيضاء، إلى جانب قيامهم بالأعمال الإنتاجية المباشرة. وكذلك المساواة بين جميع العاملين في المصانع من حيث الرواتب، وكذا التخلص من أنماط الإدارة الهرمية السلطوية، التي تقوم على خضوع الأدنى (العمال) للمستويات الأعلى (المديرين) ، وإحلالها بنظم إدارة عرفية ذات طابع أفقي. وقد أظهر العمال من خلال الإدارة الذاتية مهارة واسعة للإبقاء على نشاط المصانع في الإنتاج والتصدير، وبخاصة في مجالاتٍ كتوريد المواد الخام والتسويق والتوزيع.

وذكرفيديريكو ماتياس روسي مؤلف الدراسة عددًا من المؤشرات التي يكتشف بها العمال نية صاحب المصنع في تصفيته، فقال: "ملاحظة العمال لمسلك غير معتاد من قبل ملاك المصنع مثل تخفيض الإنتاج أو منح العمال إجازات إجبارية وكذلك التوسع في الاقتراض بزعم تطوير المصنع، وسحب الآلات خارج المصنع بدون أن يستبدلوا بها أخرى جديدة، و تخفيض أجور العمال مع مطالبة الإدارة لهم باستمرار العمل كما في الظروف العادية، ويتماشى هذا مع تكرار تغيب كبار مسئولي الإدارة عن عملهم".

كما تشير الدراسة إلى أن حركة استعادة العمال للمصانع من أجل إدارتها ذاتيًّا بدأت قبل تعديل الإطار القانوني الكفيل بإسباغ الشرعية على تحركات العمال. وقد طالبت الحركات الممثلة للعمال في اﻷرجنتين بتعديل قانون الإفلاس بما يتيح الفرصة لإدارة المصانع المفلسة من قبل العمال. ولم يتحقق هذا التعديل التشريعي إلا في مايو 2002.

وتؤكد المبادرة المصرية أن دراسة تجارب الإدارة الذاتية في مجتمعات أخرى قد يكون خطوة هامة باتجاه حل فعال لمشكلة إغلاق المصانع والشركات وتشريد العمال بصورة تعتدي على الحقوق العمالية وتهدد استمرارية الإنتاج، خصوصًا بعد أن جاوز عدد المصانع والشركات المغلقة في مصر الـ 4000 مصنع.

وتحث المبادرة المصرية السلطات المعنية على النظر في تعديل القوانين بما يتيح للعمال إدارة المصانع والشركات في حال إغلاقها وتعنت الملاك في تشغيلها أو في حالات هروب الملاك أو صدور أحكام نهائية بعدم أحقيتهم في المصنع نتيجة بطلان إجراءات الخصخصة.

للاطلاع علي الدراسة: اضغط هنا